كونه خبر واحد ، وعرضيّ : وهو كونه خبر فاسق.
ومقتضى التثبت هو الثاني ، للمناسبة والاقتران ، فإنّ الفسق يناسب عدم القبول ،
____________________________________
(الثاني : أنّه تعالى أمر بالتثبّت عند أخبار الفاسق ... إلى آخره) ، والوجه الثاني هو مفهوم الوصف ؛ وحاصل بيان مفهوم الوصف هو أنّ للخبر في الآية الشريفة وصفين :
أحدهما يكون ذاتيا ، وهو كونه خبرا واحدا ، والآخر يكون عرضيا ، وهو كون المخبر فاسقا لانفكاك هذا الوصف عن الخبر ، إذ قد يكون المخبر عادلا ، فيكون عرضيّا.
ثمّ تعليق الحكم ـ وهو وجوب التبيّن على الوصف العرضي دون الذاتي ـ ظاهر في أنّ سبب الحكم هو الوصف العرضي ، إذ لو كان السبب هو الوصف الذاتي لعلّق الحكم عليه ؛ لتقدمه رتبة على العرضي ، فلا وجه للعدول عنه إلى العرضي.
فمن تعليق وجوب التبيّن في الآية على الوصف العرضي ـ وهو كون المخبر فاسقا ـ نستكشف أنّ السبب المقتضي للتثبّت والتبيّن هو الثاني ، فإذا انتفى وكان المخبر عادلا ينتفي وجوب التثبّت والتبيّن ، وحينئذ يدور الأمر بين وجوب القبول وهو المطلوب ، والردّ وهو باطل ؛ لاستلزامه أسوئية حال العادل عن الفاسق.
ثمّ المناسبة تقتضي أن يكون علّة الحكم هو كون المخبر فاسقا ، كما أشار إليها المصنّف رحمهالله بقوله : (للمناسبة والاقتران) ، والمراد من المناسبة هي السنخيّة بين التثبّت والفسق ، ثم التناسب بينهما موجود كما هو المذكور في المتن حيث قال : (فإنّ الفسق يناسب عدم القبول ... إلى آخره) ، والمراد من الاقتران هو اقتران التبيّن في الآية بالفسق ، حيث قال تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(١) ، ولم يقل إن جاءكم واحد بنبإ فتبيّنوا ، فهذا الاقتران مع تلك المناسبة يدل على علّية الفسق لوجوب التثبّت والتبيّن دون الوصف الذاتي ، أي : كون الخبر خبر الواحد.
لا يقال : إنّ التثبت يمكن أن يكون معلولا للوصفين معا ، فحينئذ تدل الآية على عدم حجّية خبر الواحد مطلقا.
فإنّه يقال : إنّ هذا الاحتمال مقطوع العدم لكونه مستلزما لتقدم الشيء على نفسه ، وهو
__________________
(١) الحجرات : ٦.