وما ذكر من الأمثلة مع عدم ثبوت الغلبة بها خارج عن محلّ الكلام ،
____________________________________
وهذا الحكم مع تردّد أمر كلّ نصف بين الوجوب والحرمة ليس إلّا لأجل تقديم جانب الوجوب على الحرمة.
ومنها : الصلاة إلى أربع جهات في اشتباه القبلة بينها مع تردّد أمر الصلاة إلى كلّ جهة بين الوجوب والحرمة ، لأنّ الصلاة في كل جهة على فرض كونها قبلة تكون واجبة ، وإلّا فتكون حراما ، فإنّ الصلاة إلى غير جهة القبلة تكون حراما بالحرمة التشريعيّة ، فالحكم بالصلاة إلى أربع جهات مع تردّد أمرها في كلّ جهة بين الوجوب والحرمة ، ليس إلّا من جهة تقديم جانب الوجوب على الحرمة.
ومنها : الصلاة في ثوبين اشتبه طاهرهما بالنجس ، فيكون أمرها في كلّ ثوب مردّدا بين الوجوب والحرمة ، لأنّ الصلاة في الثوب الطاهر واجبة ، وفي الثوب النجس حرام.
فالحكم بالصلاة في الثوبين ليس إلّا من جهة تقديم جانب الوجوب على الحرمة.
والحاصل أنّ الاستقراء لم يكن دليلا على القول الأوّل ، بل يكون دليلا على ردّه.
ثمّ إنّ المصنّف قدسسره ردّ ما ذكر من الأمثلة بأنّها خارجة عن محلّ الكلام حيث يقول :
(وما ذكر من الأمثلة مع عدم ثبوت الغلبة بها خارج عن محلّ الكلام).
فلا بدّ من ذكر الأمثلة إجمالا ، ثمّ البحث عن كلّ واحد منها تفصيلا ، فنقول : هنا أمثلة ثلاثة :
أحدها : ترك العبادة في أيّام الاستظهار بعد انقضاء العادة ، كما تقدّم.
وثانيها : ترك العبادة في أيّام الاستظهار بمجرّد رؤية الدم إن لم تكن لها عادة بحسب الوقت.
وثالثها : ترك الوضوء بالإناءين المشتبهين.
وأمّا خروج المثال الأوّل عن محلّ الكلام ، فيتّضح بعد ذكر مقدّمة وهي : إنّ محلّ الكلام هو دوران الأمر بين الوجوب والحرمة الذاتيين ، لا بين الوجوب الذاتي والحرمة التشريعيّة.
ومنها يتّضح لك خروج المثال الأوّل عن محلّ الكلام ، لأنّ في العبادة أيّام الاستظهار ليس إلّا احتمال الوجوب فقط ، وليس فيها احتمال الحرمة الذاتيّة أصلا عند المشهور ،