«إنّ حدّ الشبهة في الحكم ما اشتبه حكمه الشرعي ، أعني : الإباحة والتحريم ، وحدّ الشبهة في طريق الحكم الشرعي ما اشتبه فيه موضوع الحكم ، كاللحم المشترى من السوق لا يعلم أنّه مذكّى أو ميتة ، مع العلم بحكم المذكّى والميتة ، ويستفاد هذا التقسيم من أحاديث ومن وجوه عقليّة مؤيّدة لتلك الأحاديث ويأتي بعضها وقسم متردّد بين القسمين ، وهي الأفراد التي ليست بظاهرة الفرديّة لبعض الأنواع ، وليس اشتباهها بسبب شيء من الامور الدنيويّة كاختلاط الحلال بالحرام ، بل اشتباهها لأمر ذاتي ، أعني : اشتباه صنفها في نفسها كبعض أفراد الغناء الذي قد ثبت تحريم نوعه واشتبه أنواعه في أفراد يسيرة ، وبعض أفراد الخبائث الذي قد ثبت تحريم نوعه واشتبه بعض أفراده حتى اختلف العقلاء فيها ، ومنها شرب التتن وهذا النوع يظهر من الأخبار دخوله في الشبهات التي ورد الأمر باجتنابها.
وهذه التفاصيل تستفاد من مجموعة الأحاديث ، ونذكر ممّا يدلّ على ذلك وجوها :
____________________________________
القسم الأوّل : هي الشبهة الحكميّة التي تسمّى بالشبهة في نفس الحكم ، وهي ما اشتبه حكمه الشرعي ، وهذا التعريف للشبهة الحكميّة مخالف لما تقدّم من المصنّف قدسسره من أنّ الشبهة الحكميّة ما يكون منشأ الاشتباه فيه عدم النصّ ، أو إجماله أو تعارضه ، سواء كان المشتبه نفس الحكم أو موضوعه الكلّي.
والقسم الثاني : هي الشبهة الموضوعيّة التي تسمّى بالشبهة في طريق الحكم وهي ما اشتبه موضوع الحكم الشرعي ، كاللحم المشترى من السوق ، حيث يكون مردّدا بين المذكّى وهو معلوم الحليّة ، وبين الميتة وهي معلومة الحرمة ، وهذا التعريف للشبهة الموضوعيّة ـ أيضا ـ مخالف لما تقدّم من المصنّف قدسسره في تعريف الشبهة الموضوعيّة ، كما لا يخفى.
والقسم الثاني : هو المردّد بينهما ، حيث يكون المشتبه هو الحكم والموضوع معا ، وذلك كبعض أفراد الغناء ، مثل الصوت المرجّع بلا طرب المشكوك دخوله في الغناء المحرّم شرعا ، فيكون مردّدا بين ما هو المحرّم ، وبين ما ليس بمحرّم ، ويكون حكمه ـ أيضا ـ مردّدا بين الحرمة والإباحة ، ثمّ إنّ القسم الثالث يلحق حكما بالقسم الأوّل فيجب فيه الاحتياط كالقسم الأوّل ، والقسم الثاني لا يجب فيه الاحتياط ، والدليل على هذا الفرق والتفصيل وجوه :