الحاكم فيه العقل ، فإنّ العقل إمّا أن يستقلّ بالتخيير ، وإمّا أن يستقلّ بالتعيين. فليس في المقام شكّ على كلّ تقدير ، وإنّما الشكّ في الأحكام التوقيفيّة التي لا يدركها العقل.
إلّا أن يقال : إنّ احتمال أن يرد من الشارع حكم توقيفي في ترجيح جانب الحرمة ، ولو لاحتمال شمول أخبار التوقّف لما نحن فيه ، كاف في الاحتياط والأخذ بالحرمة.
____________________________________
يكون الحاكم فيه العقل ... إلى آخره).
بقي في المقام الجواب عن قاعدة الاحتياط.
وحاصل الجواب عن هذه القاعدة ، هو
أنّ الحاكم في المقام ـ بعد إبطال القول بالإباحة الظاهريّة ، والقول بالتوقّف ـ هو العقل ، حيث يحكم جزما ؛ إمّا بالتخيير ، أو التعيين ، ولا يعقل الشكّ في مورد حكم العقل أصلا ، لأنّ العقل لا يعقل أن يحكم بشيء إلّا بعد إحراز الموضوع مع جميع قيوده ، وعلى هذا لا يبقى موضوع لقاعدة الاحتياط لأنّ موضوعه هو التردّد بين التخيير والتعيين ، ولا يتصوّر التردّد بينهما في المقام الذي لا يكون الحاكم فيه إلّا العقل.
نعم ، يتصوّر الشكّ في الأحكام التوقيفيّة التي تتوقّف على بيان الشارع ، كدوران الأمر في مسألة التقليد بين تقليد الأعلم معيّنا ، أو التخيير بينه وبين غيره ، ومثل دوران كفّارة إفطار قضاء رمضان بعد الزوال بين إطعام العشر معيّنا ، أو مخيّرا بينه وبين صيام ثلاثة أيّام.
إلّا أن يقال : بأنّ حكم العقل معلّق بعدم حكم الشرع في المقام ، فيزول مع احتمال ورود حكم تعبّدي من الشارع في ترجيح جانب الحرمة ، وهذا الاحتمال كاف في الاحتياط وتعيين الحرمة ، ولو كان منشؤه شمول أخبار التوقّف لما نحن فيه ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(إلّا أن يقال : إنّ احتمال أن يرد من الشارع ... إلى آخره).
ومع احتمال تعيين الحرمة شرعا تخرج المسألة عن كونها عقليّة ، ولو كان الحاكم بالاحتياط ـ حينئذ ـ هو العقل.
نعم ، إلّا أن يقال : إنّ احتمال شمول أخبار التوقّف لما نحن فيه لا يضرّ بحكم العقل ، لأنّ هذه الأخبار تكون في عرض حكم العقل ، وحينئذ إن كانت موافقة لحكم العقل كانت مؤكّدة له ، وإن كانت مخالفة لكان شمولها لما نحن فيه مجرّد احتمال ، وهو لا يمنع من