ثمّ لو قلنا بالتخيير ، فهل هو في ابتداء الأمر فلا يجوز له العدول عمّا اختار ، أو مستمرّ فله العدول مطلقا ، أو بشرط البناء على الاستمرار؟ وجوه.
يستدلّ للأوّل بقاعدة الاحتياط ، واستصحاب حكم المختار ، واستلزام العدول للمخالفة القطعيّة المانعة عن الرجوع ، التي لم يرجع إلى الإباحة من أوّل الأمر حذرا منها.
____________________________________
حكم العقل بقبح العقاب على مجهول الحرمة والوجوب ، كما لا يقدح احتمال تضمّن الكذب في مورد للمصلحة في حكم العقل بقبحه ، كما في الأوثق بتوضيح منّا.
(ثمّ لو قلنا بالتخيير ، فهل هو في ابتداء الأمر فلا يجوز له العدول عمّا اختار ، أو مستمر فله العدول مطلقا ، أو بشرط البناء على الاستمرار؟).
أي : على قصد استمرار ما اختاره أوّلا ـ كما في شرح الاستاذ الاعتمادي ـ لا على قصد استمرار التخيير كما قيل ، إذ على تقدير قصد استمرار التخيير من الأوّل يكون حكم الشرع هو التخيير الابتدائي رغما لأنف هذا الشخص ، لأنّ لازم قصد استمرار التخيير هو عدم مبالاته للدين مع علمه بلزوم المخالفة القطعيّة من استمراره.
وكيف كان ، فإنّ المراد من التخيير إن كان شرعيّا ـ حيث تدلّ عليه أخبار التخيير الواردة في باب تعارض الخبرين ، كما في بحر الفوائد ـ فيأتي فيه ما ذكره المصنّف قدسسره من الوجوه ، وأمّا بناء على التخيير العقلي كما يقول به المصنّف قدسسره فلا يجري ما ذكره من الوجوه ؛ وذلك لأنّ الشكّ لا يعقل في مورد حكم العقل كما عرفت ، حتى يرجع فيه إلى الأصل ، بل العقل ؛ إمّا يحكم بالتخيير الاستمراري أو الابتدائي على نحو الجزم والقطع.
وكيف كان ، (يستدلّ للأوّل بقاعدة الاحتياط ، واستصحاب حكم المختار ، ... إلى آخره).
واستدلّ على الأوّل ، وهو التخيير في ابتداء الأمر بوجوه :
منها : قاعدة الاحتياط ، ومقتضى هذه القاعدة بعد ما اختار المكلّف أحدهما هو تعيين الحكم المختار ، لحصول اليقين ببراءة الذمّة على تقدير الأخذ به ، لأنّه واجب معيّنا ، أو مخيّرا بينه وبين غيره ، وهذا بخلاف التخيير الاستمراري والأخذ بغير ما اختاره أوّلا حيث لا يحصل اليقين بالبراءة ، لأنّ براءة الذمّة تحصل فيما لو كان الحكم هو التخيير فقط.
ومنها : استصحاب حكم المختار ، وهو واضح لا يحتاج إلى الشرح.
ومنها : إنّ العدول عمّا اختاره أولا إلى غيره ـ كما هو مقتضى التخيير الاستمراري ـ