المسألة الثالثة
لو دار الأمر بين الوجوب والتحريم من جهة تعارض الأدلّة
فالحكم هنا التخيير ، لإطلاق الأدلّة ، وخصوص بعض منها الوارد في خبرين ؛ أحدهما أمر ، والآخر نهي ، خلافا للعلّامة رحمهالله في النهاية ، وشارح المختصر ، والآمدي ، فرجّحوا ما دلّ على النهي ، لما ذكرنا سابقا ، ولما هو أضعف منه.
وفي كون التخيير هنا بدويّا ، أو استمراريّا مطلقا ، أو مع البناء من أوّل الأمر على الاستمرار ، وجوه تقدّمت ، إلّا أنّه قد يتمسّك هنا للاستمرار بإطلاق الأخبار.
____________________________________
(المسألة الثالثة : لو دار الأمر بين الوجوب والتحريم من جهة تعارض الأدلّة).
يقول المصنّف قدسسره : (فالحكم هنا التخيير ، لإطلاق الأدلّة).
أي : أدلّة التخيير في باب تعارض الخبرين ، حيث تشمل بإطلاقها تعارض الخبرين كما لو كان أحدهما دالّا على الوجوب ، والآخر دالّا على الحرمة.
(خلافا للعلّامة رحمهالله في النهاية ، وشارح المختصر ، والآمدي ، فرجّحوا ما دلّ على النهي ، لما ذكرنا سابقا).
حيث تقدم قول العلّامة ، وأوّل ما ذكره هو : إنّ الغالب في الحرمة دفع مفسدة ... إلخ ، إلى أن قال : ولأنّ إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ ... إلخ ، وقد تقدّم ضعف الجميع.
(ولما هو أضعف منه).
أي : رجّحوا ما دلّ على النهي لما هو أضعف ممّا ذكرنا من أنّ دلالة النهي أقوى من دلالة الأمر ، حيث يقتضي النهي انتفاء جميع الأفراد ، والأمر يقتضي إيجاد فرد واحد ، فقول الشارع : لا تشرب الخمر ، يقتضي الانتهاء عن جميع أفراد الخمر ، وقوله : صلّ ، يقتضي إيجاد فرد من الصلاة.
والوجه في كون هذا الوجه أضعف من الجميع هو أنّ النهي والأمر متساويان من حيث الدلالة ، لأنّ النهي لا يقتضي إلّا نفي الطبيعة ، كما أنّ الأمر لا يقتضي إلّا إيجادها ، غاية الأمر الطبيعة لا تنتفي إلّا بانتفاء جميع الأفراد ، وتوجد بإيجاد فرد واحد فيها.
(وفي كون التخيير هنا بدويّا ، أو استمراريّا مطلقا ، أو مع البناء من أوّل الأمر على الاستمرار ، وجوه تقدّمت) في المسألة الاولى مع أدلّتها.