قلت : الحكم الظاهري لا يقدح مخالفته للحكم الواقعي في نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة ، لرجوع ذلك إلى معذوريّة المحكوم الجاهل ، كما في أصالة البراءة ، وإلى بدليّة الحكم الظاهري عن الواقع أو كونه طريقا مجعولا إليه على الوجهين في الطرق الظاهريّة المجعولة ، وأمّا مع علم المحكوم بالمخالفة فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين ؛ لأنّ العلم بالتحريم يقتضي وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرّم ، فإذن الشارع في فعله ينافي حكم العقل بوجوب الإطاعة.
____________________________________
موجب لطرح ظهورها في إذن الشارع لارتكاب كلا المشتبهين.
(قلت : الحكم الظاهري لا يقدح مخالفته للحكم الواقعي في نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة ، لرجوع ذلك إلى معذوريّة المحكوم الجاهل).
وحاصل الجواب أنّ جعل الحكم الظاهري على خلاف الحكم الواقعي لا مانع منه مع جهل المكلّف بالمخالفة ، لرجوع جعل الحكم الظاهري على خلاف الحكم الواقعي إلى معذوريّة المكلّف الجاهل في مورد أصالة البراءة (وإلى بدليّة الحكم الظاهري عن الواقع) في مورد الأمارات الظنيّة المعتبرة على القول باعتبارها على نحو السببيّة ، حيث يجعل مؤدّاها أحكاما ظاهريّة بدلا عن الواقع ، ويتدارك فوت الواقع بالمصلحة التي تكون في السلوك على طبق هذه الأمارات.
(أو كونه طريقا مجعولا إليه).
أي : كون الحكم الظاهري طريقا مجعولا إلى الواقع على القول باعتبار الأمارات من باب الطريقيّة من جهة كونها أكثر مطابقة للواقع من القطع ، فيكون المجعول نفس الطريقيّة وهو الحكم الظاهري.
والحاصل إنّ جعل الحكم الظاهري على خلاف الحكم الواقعي مع جهل المكلّف بالمخالفة لا مانع منه ، إلّا أنّه قبيح عقلا بعد علمه بالمخالفة ، (لأنّ العلم بالتحريم يقتضي وجوب الامتثال) والإطاعة بمقتضى حكم العقل بوجوب الإطاعة بالنسبة إلى التكليف المعلوم ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، حيث يعلم المكلّف بالتحريم ، فيجب الامتثال لحكم العقل بوجوب الإطاعة ، وحينئذ يجب الاجتناب عن الحرام الموجود في المشتبهين.
فإذن الشارع في ارتكاب كلا المشتبهين وإن لم يكن منافيا للحكم الواقعي إلّا أنّه يكون