في كلّ دفعة بدلا عن المتروك على تقدير وجوبه دون العكس ؛ بأن يكون المتروك في زمان الإتيان بالآخر بدلا عن المأتي به على تقدير حرمته ، وسيأتي تتمّة ذلك في الشبهة غير المحصورة.
فإن قلت : إنّ المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي فوق حدّ الإحصاء في الشرعيّات ، كما في الشبهة غير المحصورة ، وكما لو قال القائل في مقام الإقرار : هذا لزيد بل لعمرو ، فإنّ الحاكم
____________________________________
إلى بيان حكم القسم الثاني والرابع ، وما ذكره من قوله : (أو يسبق التكليف بالفعل) إشارة إلى بيان حكم الثالث ، وأمّا القسم الأوّل ، فحكمه مكشوف بقوله : (والتخيير الاستمراري في مثل ذلك ممنوع) وسند المنع يعلم ممّا بيّناه» انتهى كلامه قدسسره.
وذكرناه مع طوله لأنّه لا يخلو عن فائدة لأهل التحقيق.
وملخّص الجواب هو أنّ تجويز ارتكاب كلا المشتبهين من أول الأمر ولو تدريجا لا يجوز لكونه طرحا لدليل حرمة الحرام الواقعي ، وإذنا في المعصية ، فينا في حكم العقل بوجوب الإطاعة ، كما عرفت غير مرّة.
ثمّ إنّ ما ذكر في الإشكال من الالتزام بالتخيير الظاهري الاستمراري في ما نحن فيه ، كالتخيير الاستمراري بين الظهر والجمعة يوم الجمعة فيما إذا كان الواجب مردّدا بينهما غير صحيح.
أولا : لمنافاة التخيير كذلك لحكم العقل بوجوب الإطاعة للتكليف المعلوم إجمالا.
وثانيا : إن التخيير الاستمراري في جانب الفعل ـ كالتخيير بين الظهر والجمعة ـ وإن كان صحيحا شرعا لكون إتيان كلّ واحدة منهما مقدورا فيجوز الأمر بأحدهما تخييرا ، إلّا أنّ التخيير الشرعي في جانب الترك غير معقول فيما إذا لم يمكن ارتكابهما دفعة ، إذ ترك أحدهما حاصل قهرا دائما ، ولا حاجة إلى منع الشارع عن أحدهما تخييرا ـ كما عرفت ـ ولذلك لا يعقل التخيير الاستمراري في مورد العلم الإجمالي بالحرمة.
(والمسلّم منه ما إذا لم يسبق التكليف بمعيّن).
أي : والمسلّم من التخيير هو ما لم يكن نوع التكليف معلوما حتى لا يحكم العقل بوجوب الإطاعة ، فينافي الترخيص بالتخيير الاستمراري.
(فإن قلت : إنّ المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي فوق حدّ الإحصاء في الشرعيّات ... إلى