نظير ذلك ما إذا أذن المفتي لكلّ واحد من واجدي المني في الثوب المشترك في دخول المسجد ، فإنّه إنّما يأذن كلّا منهما بملاحظة تكليفه في نفسه ، فلا يقال : إنّه يلزم من ذلك إذن الجنب في دخول المسجد وهو حرام.
وأمّا غير الحاكم ـ ممّن اتفق له أخذ المالين من الشخصين المقرّ لهما في مسألة الإقرار ـ فلا نسلّم جواز أخذه لهما ، بل ولا لشيء منهما ، إلّا إذا قلنا بأنّ ما يأخذه منهما يعامل [معه]
____________________________________
وأمّا أخذ المال ، فلا مانع منه لا للحاكم ولا للمقرّ لهما ، لأنّ أخذ المال فرع لصحّة حكم الحاكم باستحقاقهما ، فكما يجوز لأحدهما أخذ المال وللآخر أخذ القيمة بعد حكم الحاكم ، كذلك يجوز للحاكم أخذ المال والقيمة ممّن أقرّ بالمال لشخصين نيابة عنهما ، فيكون قائما مقام المستحق.
نعم ، لو علم الحاكم بكذب أحد المقرّ لهما معيّنا ، لا يجوز له دفع المال أو القيمة إليه.
والحاصل أنّ العلم الإجمالي بكذب أحد الإقرارين وعدم استحقاق أحدهما ، كما لا يكون مانعا عن الحكم ، كذلك لا يكون مانعا عن أخذ المال والقيمة.
وأمّا حكم الشخص الثالث ، فلا يجوز له أخذ شيء من المال والقيمة.
إلّا أن يقال : بأنّ الحكم الظاهري في حقّ المقرّ لهما يكون بمنزلة الحكم الواقعي بالنسبة إلى الشخص الثالث ، فيجوز ـ حينئذ ـ له أخذهما منهما ، كما كان له أن يأخذهما منهما لو كانا مالكين في الواقع.
(نظير ذلك ما إذا أذن المفتي لكلّ واحد من واجدي المني في الثوب المشترك في دخول المسجد).
لأنّ الفتوى بجواز الدخول ناظرة إلى تكليف كلّ منهما ، لأنّ كلّ منهما يكون شاكّا في كونه جنبا ، فيجري أصالة عدم الجنابة ، وبذلك يجوز لكلّ منهما الدخول في المسجد ، فمخالفة المفتي للعلم الإجمالي بجنابة أحدهما ليست مخالفة من حيث عمل نفسه ، بل من حيث الإفتاء للغير ، فهذه المخالفة ليست محرّمة ، وكذلك مخالفة الحاكم للعلم الإجمالي في مسألة القضاء ليست مخالفة من حيث عمل نفسه ، بل من حيث القضاء ، فلا تكون محرّمة.
وبالجملة ، إنّ الشخص الثالث وإن كان يعلم إجمالا بكون أحد المالين ملكا للمقرّ واقعا