وبالجملة ، فلا بدّ من التوجيه في جميع ما يوهم جواز المخالفة القطعيّة الراجعة إلى طرح دليل شرعي ، لأنّها ـ كما عرفت ـ ممّا يمنع عنها العقل والنقل ، خصوصا إذا قصد من ارتكاب المشتبهين التوصّل إلى الحرام ، هذا ممّا لا تأمّل فيه ، ومن يظهر منه جواز الارتكاب فالظاهر أنّه قصد غير هذه الصورة.
ومنه يظهر أنّ إلزام القائل بالجواز ـ بأنّ تجويز ذلك يفضي إلى إمكان التوصّل إلى فعل جميع المحرّمات على وجه مباح ، بأن يجمع بين الحلال والحرام المعلومين تفصيلا ، كالخمر والخلّ ، على وجه يوجب الاشتباه فيرتكبهما ـ محلّ نظر ، خصوصا على ما مثّل به من الجمع بين الأجنبيّة والزوجة.
____________________________________
وثانيهما : أن يقال : إنّ الشارع جعل التحالف سببا لفسخ أصل العقد ، كالإقالة وحينئذ يرتفع الإشكال.
(فلا بدّ من التوجيه في جميع ما يوهم جواز المخالفة القطعيّة الراجعة إلى طرح دليل شرعي) دالّ على الحرمة كقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)(١) (خصوصا إذا قصد من ارتكاب المشتبهين التوصّل إلى الحرام) فلا تجوز المخالفة القطعيّة إجماعا.
(ومن يظهر منه جواز الارتكاب فالظاهر أنّه قصد غير هذه الصورة) التي قصد بها التوصّل إلى الحرام.
ومن عدم جواز المخالفة القطعيّة مع قصد التوصّل إلى الحرام حتى عند القائل بالجواز(يظهر أنّ إلزام القائل بالجواز بأنّ تجويز ذلك يفضي إلى إمكان التوصّل إلى فعل جميع المحرّمات على وجه مباح ... إلى آخره).
أي : ردّ من يقول بجواز المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي ، كما نسب ذلك إلى صاحب الفصول ، بأنّ تجويز المخالفة القطعيّة فتح لباب ارتكاب جميع المحرّمات ، بأن يجمع بين الخمر والخلّ ، وبين الحليلة والأجنبيّة على نحو يتحقّق الاشتباه ، ثمّ يرتكبهما.
(محلّ نظر) ، إذ لا يجوز الارتكاب بقصد التوصّل إلى الحرام إجماعا ، ولا يقول به أحد ، (خصوصا على ما مثّل به من الجمع بين الأجنبيّة والزوجة) ، إذ لا تجوز المخالفة القطعيّة
__________________
(١) البقرة : ١٨٨.