وأمّا المقام الثاني : وهو وجوب اجتناب الكلّ وعدمه.
فالحقّ فيه وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين وفاقا للمشهور ، وفي المدارك أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب ، ونسبه المحقّق البهبهاني في فوائده إلى الأصحاب ، وعن المحقّق المقدّس الكاظمي في شرح الوافية دعوى الإجماع صريحا ، وذهب جماعة إلى عدم وجوبه ، وحكي عن بعض القرعة.
لنا على ما ذكرنا أنّه إذا ثبت كون أدلّة تحريم المحرّمات شاملة للمعلوم إجمالا ولم يكن
____________________________________
بالتفصيل أو بالإجمال ، ومجرّد العلم بالدليل الشرعي تفصيلا أو إجمالا كاف في تنجّز التكليف وحرمة مخالفته بحكم العقل ، كما تقدّم غير مرّة.
(وأمّا المقام الثاني) وهو وجوب الموافقة القطعيّة وعدمه ، (فالحقّ فيه وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين وفاقا للمشهور).
ثمّ إنّ الأقوال في المقامين وإن كانت كثيرة تبلغ عددها إلى سبعة كما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته ، إلّا أنّ الحقّ عند المصنّف قدسسره هو :
الأوّل : وهو وجوب الموافقة القطعيّة مطلقا وفاقا للمشهور.
والثاني : جواز المخالفة القطعيّة مطلقا.
والثالث : جوازها تدريجا.
والرابع : جوازها فيما لا يمكن فيه الارتكاب دفعة.
والخامس : حرمة المخالفة القطعيّة ، وكفاية الموافقة الاحتماليّة.
والسادس : القرعة.
والسابع : ما تقدّم عن صاحب الحدائق من التفصيل بين ما إذا كان الحرام المشتبه عنوانا واحدا مردّدا بين أمرين ، وبين ما إذا كان مردّدا بين عنوانين ، فتجب الموافقة القطعيّة في الأوّل دون الثاني ، بل تجوز المخالفة القطعيّة في الثاني.
والدليل على ما ذهب إليه المصنّف قدسسره وفاقا للمشهور هو وجود المقتضي وعدم المانع ، كما أشار إلى الأوّل بقوله :
(لنا على ما ذكرنا أنّه إذا ثبت كون أدلّة تحريم المحرّمات) ، كقول الشارع : اجتنب عن الخمر(شاملة للمعلوم إجمالا) لما تقدّم في المقام الأوّل من أنّ الألفاظ موضوعة لذات