الأوّل : الأخبار الدالّة على حلّ ما لم يعلم حرمته التي تقدّم بعضها ، وإنّما منع من ارتكاب مقدار الحرام إمّا لاستلزامه العلم بارتكاب الحرام وهو حرام ، وإمّا لما ذكره بعضهم من أنّ ارتكاب مجموع المشتبهين حرام لاشتماله على الحرام.
قال في توضيح ذلك : «إنّ الشارع منع عن استعمال الحرام المعلوم ، وجوّز استعمال ما لم يعلم حرمته ، والمجموع من حيث المجموع معلوم الحرمة ، ولو باعتبار جزئه ، وكذا كلّ منهما بشرط الاجتماع مع الآخر فيجب اجتنابه ، وكلّ منهما بشرط الانفراد مجهول الحرمة فيكون حلالا».
والجواب عن ذلك : إنّ الأخبار المتقدّمة ، على ما عرفت ؛ إمّا أن لا تشمل شيئا من
____________________________________
في امور محصورة ، كالعشرة مثلا ، جاز ارتكاب ما عدا الواحد.
وكيف كان ، فالوجه الأوّل على جواز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام هو (الأخبار الدالّة على حلّ ما لم يعلم حرمته التي تقدّم بعضها).
وقد تقدّم أنّ مقتضى هذه الأخبار على تقدير شمولها لمورد العلم الإجمالي هو حلّية كلا المشتبهين.
ثمّ إنّ الوجه لمنع ارتكاب مقدار الحرام ما أشار إليه قدسسره بقوله : (إمّا لاستلزامه العلم بارتكاب الحرام وهو حرام).
وذكر المصنّف قدسسره لمنع ارتكاب الجميع وجهين :
أحدهما : إنّ ارتكاب الجميع مستلزم للعلم بارتكاب الحرام ، والعلم بارتكاب الحرام حرام ، فارتكاب الجميع حرام.
وثانيهما : ما حاصله من أنّ المجموع من حيث المجموع معلوم الحرمة ، ولو باعتبار جزئه ، فيدخل في منع الشارع عن استعمال الحرام المعلوم ، وأمّا البعض فليس معلوم الحرمة ، فلا يدخل في منع الشارع فيجوز ارتكابه.
(وكذا كلّ منهما بشرط الاجتماع مع الآخر فيجب اجتنابه ... إلى آخره).
أي : كلّ منهما بشرط انضمام الآخر حرام ، وبشرط الانفراد حلال.
والفرق بين لحاظ المجموع من حيث المجموع ، وبين لحاظ كلّ منهما بشرط الاجتماع هو أنّ المحرّم في الأوّل جزء ، وفي الثاني واحد من المقيّد والقيد.