فالخروج بهذه الأصناف من الأخبار عن القاعدة العقليّة الناشئة عمّا دلّ من الأدلّة القطعيّة على وجوب الاجتناب عن العناوين المحرّمة الواقعيّة ـ وهي : وجوب دفع الضرر المقطوع به بين المشتبهين ، ووجوب إطاعة التكاليف المعلومة المتوقّفة على الاجتناب عن كلا المشتبهين ـ مشكل جدّا ، خصوصا مع اعتضاد القاعدة بوجهين آخرين ، هما كالدليل على المطلب.
أحدهما : الأخبار الدالّة على هذا المعنى :
منها : قوله عليهالسلام : (ما اجتمع الحلال والحرام إلّا غلب الحرام الحلال) (١).
والمرسل المتقدّم : (اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس) (٢) ، وضعفها ينجبر بالشهرة المحقّقة والإجماع المدّعى في كلام من تقدّم.
ومنها : رواية ضريس عن السمن والجبن في أرض المشركين ، قال : (أمّا ما علمت أنّه قد
____________________________________
بدلا عن الحرام الواقعي مشكل جدّا ، كما أشار إليه بقوله :
(فالخروج بهذه الأصناف من الأخبار عن القاعدة العقليّة ... إلى آخره).
والمراد بها هو قاعدة الاشتغال (خصوصا مع اعتضاد القاعدة بوجهين آخرين ، هما كالدليل على المطلب).
ثمّ إنّ الوجه الأوّل هو الأخبار الدالّة على وجوب الاجتناب عن الجميع :
(منها : قوله عليهالسلام : (ما اجتمع الحلال والحرام إلّا غلب الحرام الحلال)).
فيجب الاجتناب عن الجميع إذا اريد من الاجتماع الاختلاط ، وعن محتمل الحرمة والحلّية تغليبا لجانب الحرمة إذا اريد من الاجتماع اجتماع احتمال الحلال والحرام.
(والمرسل المتقدّم : (اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس)).
فالمستفاد من هذا الخبر هو الاجتناب عمّا لم يعلم ، فضلا عمّا يعلم ولو إجمالا.
(ومنها : رواية ضريس عن السمن) مع احتمال اختلاطه مع ما يتخذ من أليات الميتة من السمن (والجبن) مع احتمال اختلاطه ونجاسته بالنفحة المتّخذة من الميتة ، وسئل الإمام عليهالسلام عن حكمهما ، فقال في الجواب : (أمّا ما علمت أنّه قد خلطه الحرام فلا تأكل ،
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٣ : ٤٦٦ / ١٧. السنن الكبرى ٧ : ٢٧٥ / ١٣٩٦٩.
(٢) مصباح الشريعة : ٣٩.