أمّا أوّلا : فلعموم الأدلّة المذكورة خصوصا عمدتها ، وهي أدلّة الاجتناب من العناوين المحرّمة الواقعيّة ، كالنجس والخمر ومال الغير وغير ذلك [بضميمة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل].
وأمّا ثانيا : فلأنّه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهيّة واحدة ، ولم يعلم الفرق بين تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه ، أو بين الماء وقطعة من الأرض ، أو بين الماء ومائع آخر ، أو بين مائعين مختلفي الحقيقة وبين تردّده ما بين ماءين ، أو ثوبين ، أو مائعين متّحدي الحقيقة.
____________________________________
وحاصل هذا الوجه الثاني الذي أجاب به المصنّف قدسسره عن تفصيل صاحب الحدائق ، هو منع اختصاص قاعدة وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة بالأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة ، وذلك لأحد وجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : (أمّا أوّلا ، فلعموم الأدلّة المذكورة) لوجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة من غير فرق بين كون أطراف الشبهة مندرجة تحت ماهيّة واحدة ، كالماءين ، وبين عدم كونها كذلك ، كالخلّ والماء المعلوم تنجّس أحدهما إجمالا ، ومقتضى الأدلّة المذكورة ، وهي أدلّة الاجتناب عن العناوين المحرّمة الواقعيّة كالنجس والخمر وغيرهما ، وقاعدة الاشتغال ، وقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل هو وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة مطلقا.
وثانيهما : ما أشار إليه بقوله :
(وأمّا ثانيا : فلأنّه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهيّة واحدة).
وذلك لعدم وضوح المراد من الماهيّة الواحدة ، حيث لا يعلم بأنّ المراد بها هل هو النوع كالماءين أو النجس القريب كالمائعين ، أو البعيد كالشيئين؟ وعلى الأخير يمكن إدراج أطراف كلّ شبهة محصورة تحت ماهيّة واحدة.
وحينئذ لا يعلم وجه (الفرق بين تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه ، أو بين الماء وقطعة من الأرض ... إلى آخره).
حيث تكون أطراف الشبهة مندرجة في حقيقة واحدة جنسيّة ، كما في مثال تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه أو بين الماء وقطعة من الأرض ، أو مندرجة في حقيقة