وأولى من ذلك بالإشكال ما لو كان المحرّم على كلّ تقدير عنوانا غيره على التقدير الآخر ، كما لو دار الأمر بين كون أحد المائعين نجسا وكون الآخر مال الغير لإمكان تكليف إدراج الفرض الأوّل تحت خطاب الاجتناب عن النجس بخلاف الثاني.
وأولى من ذلك ما لو تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة أو كون هذا المائع خمرا.
____________________________________
حيث يكون الخطاب في الأوّل هو : لا تلبس الثوب النجس ، وفي الثاني : لا تسجد على النجس.
وما ذكر في كلام صاحب المدارك يكون من هذا القبيل ، فإنّ الخطاب بالإناء يكون من جهة حرمة الشرب ، أي : لا تشرب النجس وبخارجه من جهة حرمة السجدة أو التيمّم في النجس ، أي : لا تسجد في النجس ، أو : لا تتيمّم فيه.
وكيف كان ، فالخطاب في هذا المثال وسابقه مردّد بين الخطابين ، فلا يجب الاحتياط ، إلّا أنّ المثال السابق ـ وهو ما إذا كان متعلّق الخطاب مردّدا بين العنوانين ـ أولى بالإشكال ممّا لم يكن كذلك ، وذلك لإمكان اعتبار الخطاب التفصيلي المعلوم تفصيلا فيما إذا كان متعلّق الخطابين عنوانا واحدا كالنجاسة في المثال المتقدّم ، فيرجع الخطاب المردّد إلى الخطاب المعلوم تفصيلا ، وهو : اجتنب عن النجس ، فيمكن ـ حينئذ ـ الحكم بوجوب الاحتياط والموافقة وحرمة المخالفة ، لأنّ المناط في وجوب الاحتياط وحرمة المخالفة هو وحدة الخطاب على الفرض.
وأولى ممّا ذكرناه من كون متعلّق الخطاب مردّدا بين العنوانين بالإشكال (ما لو تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة أو كون هذا المائع خمرا).
حيث يكون الخطاب في الأوّل : لا تزن ولا تنظر إلى الأجنبيّة ، وفي الثاني : لا تشرب الخمر ، والوجه في كون الإشكال فيه أولى من السابق مع اشتراكهما في تعدّد العنوان واختلاف الخطاب هو كون الأطراف في المثال السابق مندرجة تحت حقيقة واحدة ، حيث إنّ المفروض هو العلم بنجاسة أحد المائعين وغصبيّة الآخر ، فيمكن إرجاع الخطابين فيهما إلى خطاب تفصيلي واحد ، وهو : اجتنب عن المائع الحرام ، وهذا بخلاف مثال تردّد الحرام بين الأجنبيّة والخمر ، حيث لا يتصوّر بينهما جامع.