التفصيلي بما خالفه؟! فكذا حال من ارتكب النظر إلى المرأة وشرب المائع في المثال الأخير.
والحاصل أنّ النواهي الشرعيّة بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدّة امور.
فكما تقدّم أنّه لا يجتمع نهي الشارع عن أمر واقعي واحد ، كالخمر مع الإذن في ارتكاب المائعين المردّد بينهما الخمر ، فكذا لا يجتمع النهي عن عدّة امور مع الإذن في ارتكاب كلا الأمرين المعلوم وجود أحد تلك الامور فيهما.
____________________________________
وحاصل كلام المصنّف قدسسره هو عدم الفرق بين الموارد المذكورة في وجوب الاحتياط وحرمة المخالفة القطعيّة ، لأنّ العقل يحكم مستقلّا بوجوب امتثال الخطاب المعلوم تفصيلا أو إجمالا ، ويحكم بحسن العقاب إذا خالف الخطاب المعلوم إجمالا ، ولو كان مردّدا بين الخطابين ولم يعلم المكلّف الخصوصيّة ، إذ ليس لمعرفة خصوصيّة الخمريّة أو الغصبيّة دخل في حكم العقل بوجوب الإطاعة وحرمة المخالفة.
فحكم جميع الأمثلة المتقدّمة في وجوب الاحتياط وحرمة المخالفة القطعيّة واحد.
(والحاصل أنّ النواهي الشرعيّة بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدّة امور ... إلى آخره).
أي : أنّ النواهي الشرعيّة وإن كانت كثيرة مثل : اجتنب عن الخمر ، واجتنب عن النجس ، واجتنب عن الأجنبيّة ، واجتنب عن الميتة ... إلخ ، إلّا أنّها بعد العلم بحرمة الامور المذكورة تكون بمنزلة : اجتنب عن هذه الامور ، وحينئذ فكما يجب الاجتناب عن الخمر المعلوم إجمالا ، كذلك يجب الاجتناب عن الحرام المعلوم إجمالا ، وذلك لانطباق الكبرى ، وهي قوله تعالى : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(١) على كلا الموردين ، فإنّ الخمر ممّا نهى عنه الرسول ، فيجب الانتهاء والاجتناب عنه ، وإن كان مردّدا بين المائعين.
غاية الأمر في صورة تردّد الخمر بين الإناءين والمائعين يجب الاجتناب عنهما ليحصل العلم بالاجتناب عن الخمر ، وكذا لو تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة ، أو كون هذا المائع خمرا ، لكان النهي المعلوم إجمالا صغرى لتلك الكبرى ، فيقال :
إنّ أحد هذين الأمرين ـ أي : المرأة أو المائع ـ ممّا نهى عنه الرسول ، وكلّ ما نهى عنه
__________________
(١) الحشر : ٧.