فلو لم يكن كذلك بأن لم يكلّف به أصلا ، كما لو علم بوقوع قطرة من البول في أحد الإناءين أحدهما بول أو متنجّس بالبول ، أو كثير لا ينفعل بالنجاسة ، أو أحد ثوبين أحدهما نجس بتمامه لم يجب الاجتناب عن الآخر ، لعدم العلم بحدوث التكليف بالاجتناب عن ملاقي هذه القطرة ، إذ لو كان ملاقيها هو الإناء النجس لم يحدث بسببه تكليف بالاجتناب أصلا ، فالشكّ في التكليف بالاجتناب عن الآخر شكّ في أصل التكليف ، لا المكلّف به.
وكذا لو كان التكليف في أحدهما معلوما ، لكن لا على وجه التنجّز ، بل معلّقا على تمكّن المكلّف منه ، فإنّ ما لا يمكّن المكلّف من ارتكابه لا يكلّف منجّزا بالاجتناب عنه ، كما لو علم وقوع النجاسة في أحد شيئين لا يتمكّن المكلّف من ارتكاب واحد معيّن منهما ، فلا يجب الاجتناب عن الآخر ، لأنّ الشكّ في أصل تنجّز التكليف ، لا في المكلّف به تكليفا منجّزا.
وكذا لو كان ارتكاب الواحد المعيّن ممكنا عقلا ، لكنّ المكلّف أجنبي عنه وغير مبتل به بحسب حاله ، كما إذا تردّد النجس بين إنائه وإناء لا دخل للمكلّف فيه أصلا ، فإنّ التكليف بالاجتناب عن هذا الإناء الآخر الممكن عقلا غير منجّز عرفا ، ولهذا لا يحسن التكليف
____________________________________
الأطراف خارجا عن محلّ ابتلاء المكلّف أو غير مقدور له ، ولم يكن رافعا للتكليف ، كاضطرار المكلّف إلى ارتكاب بعض الأطراف ، فينتفي تنجّز التكليف في مورد العلم الإجمالي إذا انتفى قيد من القيود المذكورة ، ويرجع إلى البراءة أو أصالة الطهارة أو استصحابها من دون معارض ، كما أشار إلى انتفاء الاشتراط المذكور بقوله :
(فلو لم يكن كذلك).
أي : فلو لم يكن التكليف بوجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي المعلوم إجمالا منجّزا على كلّ تقدير ، بأن لم يؤثّر العلم الإجمالي في إحداث تكليف جديد في أحد الطرفين أصلا ، كما لو علم بنجاسة أحد الإناءين تفصيلا ، ثمّ علم إجمالا بوقوع قطرة من البول في أحدهما ، فهنا لا يؤثّر العلم الإجمالي في تنجّز التكليف بوجوب الاجتناب عن الإناء النجس ، وذلك لتنجّز التكليف فيه بالعلم التفصيلي ، والمنجّز لا ينجّز ، فيرجع الشكّ في الإناء الطاهر إلى الشكّ في أصل التكليف ، فيرجع إلى البراءة واستصحاب بقاء الطهارة بلا معارض.
وهكذا فيما لو كان أحد الإناءين ممّا لا ينفعل بالنجاسة ، كما لو كان كرّا حيث يرجع