المنجّز بالاجتناب عن الطعام أو الثوب الذي ليس من شأن المكلّف الابتلاء به ، نعم ، يحسن الأمر بالاجتناب عنه مقيّدا بقوله : إذا اتّفق لك الابتلاء بذلك بعارية أو بملك أو إباحة فاجتنب عنه.
والحاصل : أنّ النواهي المطلوب فيها حمل المكلّف على الترك مختصّة بحكم العقل والعرف بمن يعدّ مبتل بالواقعة المنهي عنها ، ولذا يعدّ خطاب غيره بالترك مستهجنا إلّا على وجه التقييد بصورة الابتلاء.
ولعلّ السرّ في ذلك أنّ غير المبتلى تارك للمنهي عنه بنفس عدم الابتلاء ، فلا حاجة إلى نهيه.
____________________________________
الشكّ في ما ينفعل بالنجاسة إلى الشكّ في أصل التكليف لا المكلّف به ، وهكذا فيما إذا كان أحد الطرفين غير
مقدور للمكلّف ، أو خارجا عن محلّ ابتلائه ، فالتكليف ـ حينئذ ـ مشروط ومعلّق على تمكّن المكلّف في الأوّل وعلى ابتلائه في الثاني ، فلا يكون فعليّا في أحد الطرفين ، فيرجع الشكّ في الطرف الآخر في الموردين إلى الشكّ في أصل التكليف.
والحاصل ممّا ذكرنا هو وجود موارد عديدة تخرج عن وجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة :
أحدها : أن لا يكون العلم الإجمالي مؤثّرا بالنسبة إلى بعض الأطراف في إحداث تكليف جديد.
وثانيها : أن لا يتمكّن المكلّف من الامتثال بالنسبة إلى بعض الأطراف.
وثالثها : أن يكون بعض الأطراف خارجا عن محلّ ابتلاء المكلّف.
(ولعلّ السر في ذلك) ، أي : في عدم صحّة خطاب غير المبتلى بأحد الطرفين ، واستهجان توجّه الخطاب إليه ، هو أنّ ترك ما لا يكون محلّ الابتلاء حاصل بنفس عدم الابتلاء من دون حاجة إلى النهي عنه ، بل النهي عنه طلب لما هو حاصل ، وطلب الحاصل قبيح عند العقلاء ، وهكذا يحصل ترك ما لا يكون مقدورا للمكلّف بغير حاجة إلى النهي عنه ، والفرق بينهما أنّ القدرة كالعقل والبلوغ تكون من شرائط أصل التكليف ، والابتلاء شرط لتنجّزه ولا يخفى عليك أنّ اعتبار كون أطراف العلم الإجمالي محلّا لابتلاء المكلّف