الاجتناب عن الثوب.
أمّا لو كان الطرف الآخر أرضا لا يبعد ابتلاء المكلّف به في السجود والتيمّم وإن لم يحتج إلى ذلك فعلا ، ففيه تأمّل.
والمعيار في ذلك وإن كان صحّة التكليف بالاجتناب عنه على تقدير العلم بنجاسته ، وحسن ذلك من غير تقييد التكليف بصورة الابتلاء واتّفاق صيرورته واقعة له ، إلّا أنّ تشخيص ذلك مشكل جدّا.
____________________________________
وهذا الكلام من المصنّف قدسسره تمهيد لبيان الميزان والملاك لتشخيص محلّ الابتلاء عن غيره ، وبيان حكم الشبهة المحصورة بحسب مقتضى الاصول في مورد الشكّ في الابتلاء ، وذلك لأنّ تشخيص كون الأطراف موردا للابتلاء وعدمه قد يكون واضحا بحيث لا يحتاج إلى تأمّل أصلا ، كما في مثال وقوع النجاسة على الثوب ، أو على ظهر طائر لا يتّفق عادة ابتلاء المكلّف به ، فخروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء في هذا المثال واضح.
وهكذا كون جميع الأطراف محلّا للابتلاء فيما إذا علم المكلّف بوقوع النجاسة على أحد ثوبيه أوضح من الشمس ، إلّا أنّه قد يشكّ في كون الأطراف محلّا للابتلاء ، كالمثال الثاني في المتن ، وهو ما إذا علم بوقوع النجاسة على الثوب ، أو على أرض لا يبعد الابتلاء بها في السجود والتيمّم ، فحينئذ يجب بيان أمرين :
أحدهما : بيان ما هو الميزان والمناط في الابتلاء وعدمه.
وثانيهما : بيان ما هو مقتضى الاصول في صورة الشكّ في الابتلاء.
وأمّا الأوّل فقد أشار إليه قدسسره بقوله :
(والمعيار في ذلك ... إلى آخره).
أي : المناط في الابتلاء هو صحّة التكليف بالاجتناب ، وحسنه من دون تقييد بالابتلاء ، كمثال العلم بوقوع النجاسة على أحد الثوبين ، فإذا علم المكلّف إجمالا بوقوع النجاسة على أحد ثوبيه صحّ توجّه خطاب : اجتنب عن النجس ، إليه من دون تقييد ، وهذا بخلاف توجيه خطاب : اجتنب عن الطعام النجس ، الموضوع بين يدي أمير البلد ، حيث لا يصحّ إلّا بالتقييد ، أي : اجتنب عن الطعام المذكور إن ابتليت به ، فإذا علم إجمالا بوقوع النجاسة على الثوب ، أو على الطعام الموضوع أمام الأمير كان بعض الأطراف خارجا عن محلّ