على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(١).
ويدلّ عليه ـ أيضا ـ ما في بعض الأخبار من استدلاله عليهالسلام على حرمة الطعام الذي
____________________________________
الاجتناب في الملاقى ـ بالفتح ـ والمفروض أنّ الحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ من شئون الحكم بوجوبه عن الملاقى ـ بالفتح ـ والملازمة بينهما ، وعلى الثاني لا يجب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ وذلك لعدم العلم لملاقاته للنجس ، لأنّ المفروض أنّ الحكم بوجوب الاجتناب في الملاقي تابع لتحقّق نجاسته بالملاقاة مع النجس وهي مشكوكة ، فتجري فيه أصالة الطهارة والحلّية ، وقد أشار المصنّف قدسسره إلى منشأ الوجهين ، حيث قال مشيرا إلى وجه وجوب الاجتناب عن ملاقي أحد الطرفين : (إنّ تنجّس الملاقي إنّما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس ، بناء على أنّ الاجتناب عن النجس يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط).
ثمّ أشار إلى وجه عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي بقوله :
(أو أنّ الاجتناب عن النجس لا يراد به إلّا الاجتناب عن العين ... إلى آخره).
فكلّ من يقول بوجوب الاجتناب عن ملاقي أحد الطرفين لا بدّ أن يقول بأنّ وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ يكون من شئون وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ من جهة الملازمة بين وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ وبين وجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر.
فاستدلال السيد أبي المكارم في الغنية على تنجّس الماء القليل بملاقاة النجاسة بما دلّ على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) مبني على الملازمة المذكورة ، حيث أوجب الله تعالى الهجرة والاجتناب عن النجس ، بناء على أن يكون المراد بالرجز هو النجاسة ، فإذا لاقى الماء القليل بالنجاسة وجب الاجتناب عنه بمقتضى الملازمة بين الملاقي والملاقى حكما ، إلّا أنّ الرجز ليس بمعنى النجاسة ، بل المراد به إمّا المعاصي ، أو العذاب ، أو الأصنام والأوثان ، أو الفعل القبيح ، كما في تفسير مجمع البيان (٢).
(ويدلّ عليه أيضا) ، أي : يدلّ على التلازم بين وجوب الاجتناب عن الشيء ووجوب
__________________
(١) المدّثر : ٥.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤٨٨.