فتأمّل.
السابع : قد عرفت أنّ المانع من إجراء الأصل في كلّ من المشتبهين بالشبهة المحصورة هو
____________________________________
فلا بدّ من بيان الفرق بينهما تارة : بالنسبة إلى الحكم التكليفي ، واخرى : بالنسبة إلى الحكم الوضعي.
أمّا الأوّل فنقول : إنّ الوجه في سقوط الاصول العمليّة هو تنجّز التكليف الواقعي في مورد العلم الإجمالي ، فلا تجري حينئذ ، فالمانع من إجراء الاصول العمليّة في مورد العلم الإجمالي هو تنجّز التكليف الواقعي وهو مفقود في التدريجيّات ، وذلك لخروج بعضها عن محلّ ابتلاء المكلّف ، وعنده لا مانع من إجراء الاصول العمليّة ، ويحكم بإباحة كلّ واحد من الأطراف ، وهذا بخلاف الاصول اللفظيّة ، حيث يكون المناط في حجيّتها والتمسّك بها هو ظهور الخطاب بالنسبة إلى الحكم التكليفي ، فظهور خطاب الشارع ـ اجتنب عن المعاملة الربويّة ـ وإن كان في الاجتناب عن جميع الأطراف ، إلّا أنّه لا يبقى هذا الظهور بعد العلم الإجمالي بخروج بعض الأطراف ، فلا يجوز التمسّك بها بعد انتفاء مناط حجيّتها وهو الظهور.
وأمّا الثاني : وهو الفرق بينهما بالنسبة إلى الحكم الوضعي ، فيظهر ممّا تقدّم من أنّه لا يبقى ظهور لعموم ما دلّ على صحّة العقود بعد العلم الإجمالي بخروج بعض الأفراد منه ، وهذا بخلاف الاصول العمليّة ، حيث يكون اعتبارها من باب التعبّد ، لا من باب الظهور ، فالمانع عنها هو تنجّز التكليف ، والمفروض انتفاؤه في التدريجيّات ، وبذلك لا يبقى مانع من إجرائها حينئذ ، فتجري أصالة الفساد ، ويحكم بفساد كلّ معاملة شكّ فيها.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى أنّ الفرق المذكور بين الاصول اللفظيّة والاصول العمليّة مبني على القول بجواز التمسّك بالاصول اللفظيّة في الشبهات الموضوعيّة لأجل شمولها لها ، وأمّا على القول بعدم جواز التمسّك بها في الشبهات الموضوعيّة لعدم شمولها لها ، فلا يبقى مجال للفرق المذكور أصلا ، لأنّ الشبهة في المقام هي موضوعيّة ، فلا تشملها.
(السابع : قد عرفت أنّ المانع من إجراء الأصل في كلّ من المشتبهين بالشبهة المحصورة