الثامن : إنّ ظاهر كلام الأصحاب التسوية بين كون الأصل في كلّ واحد من المشتبهين في نفسه هو الحلّ أو الحرمة ، لأنّ المفروض عدم جريان الأصل فيهما ، لأجل معارضته بالمثل ، فوجوده كعدمه.
____________________________________
بكلا الخطابين ، وإنّما يجب عليه الاحتياط ، فكذلك لا يجوز للخنثى ترك العمل بكلا الخطابين المختصّ أحدهما بالرجال والآخر بالنساء ، بل يجب عليها الاحتياط.
(الثامن : إنّ ظاهر كلام الأصحاب التسوية بين كون الأصل في كلّ واحد من المشتبهين في نفسه هو الحلّ أو الحرمة).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره هو عدم الفرق في الرجوع إلى قاعدة الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي ، سواء كان الأصل الجاري في أطراف العلم الإجمالي قبل حصول العلم الإجمالي هو الحلّ أو الحرمة.
وهذا الكلام من المصنّف قدسسره ردّ لتوهّم الفرق بين الأصلين عند الرجوع إلى قاعدة الاحتياط ، وذلك لوجود من قال بأنّ الرجوع إلى قاعدة الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي مختصّ في صورة ما إذا كان مقتضى الأصل قبل حصول العلم هو الحلّ ، وأمّا إذا كان مقتضى الأصل هو الحرمة ، فيجب الاجتناب عن كلا المشتبهين من جهة استصحاب الحرمة فيها ، لا من جهة قاعدة الاحتياط بمقتضى العلم الإجمالي بالحرمة ، بعد تساقط الاصول بالتعارض ، فتأمّل جيدا.
نعم ، يظهر الفرق بينهما فيما إذا خرج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء ، فإنّه لا يجب الاجتناب عن الباقي فيما إذا كان وجوب الاحتياط لقاعدة الاحتياط ، وذلك لعدم وجوب الاحتياط بعد خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء ، كما عرفت في التنبيه الثالث ، وهذا بخلاف ما إذا كان وجوب الاجتناب من جهة استصحاب الحرمة ، وذلك لجريان الاستصحاب في الطرف المبتلى به ، وحينئذ يجب الاجتناب عنه.
كما يظهر الفرق فيما إذا كان المشتبهان مسبوقين بالنجاسة ، ثمّ علم إجمالا بزوالها عن أحدهما ، ثمّ لاقى شيء أحدهما ، فحينئذ يجب الاجتناب عن ملاقي أحدهما ، بناء على استصحاب النجاسة ، ولا يجب الاجتناب عنه بناء على وجوب الاجتناب عن المشتبهين بقاعدة الاحتياط ، كما عرفت في التنبيه الرابع.