الشبهة غير المحصورة
المقام الثاني : في الشبهة الغير المحصورة.
والمعروف فيها عدم وجوب الاجتناب ، ويدلّ عليه وجوه :
الأوّل : الإجماع الظاهر المصرّح به في الروض وعن جامع المقاصد ، وادّعاه صريحا المحقّق البهبهاني رحمهالله في فوائده وزاد عليه نفي الريب فيه ، وأنّ مدار المسلمين في الأعصار والأمصار
____________________________________
المقام الثاني : (في الشبهة الغير المحصورة).
وكان على المصنّف قدسسره تقديم بيان الموضوع وهي الشبهة غير المحصورة على بيان حكمها ، بأن يبحث عمّا هو المراد بالشبهة غير المحصورة أوّلا ، ثمّ يبحث عن حكمها ثانيا ، كما هو مقتضى الترتيب الطبيعي بين الحكم والموضوع ، إلّا أنّ المصنّف قدسسره قدّم بيان الحكم ، ولعلّ الوجه في ذلك ما في تعليقة غلام رضا من «أنّ البحث عن الموضوع إنّما يقدّم إذا كان بعنوانه منصوصا في الأدلّة ، كما في قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) وأمثاله.
والمقام ليس كذلك ، ضرورة أنّ الموضوع فيه ـ أعني : غير المحصورة ـ ممّا لم يكن له بهذا العنوان في الأدلّة عين ولا أثر ، وإنّما هو عنوان منتزع من الموضوعات المشتبهة في الموارد المختلفة ، وفي مثله لا بدّ من تقديم البحث عن الحكم وأدلّته ، لكي يعرف مقدار سعة دائرة موضوعه» انتهى مورد الحاجة ، ولكلامه قدسسره ذيل تركناه تجنبا عن التطويل.
وكيف كان ، فيقع الكلام في المقام الثاني كالمقام الأوّل تارة : في وجوب الموافقة القطعيّة وعدم وجوبها ، واخرى : في جواز المخالفة القطعيّة بعد عدم وجوب الموافقة فيه.
والبحث عن جواز المخالفة سيأتي في التنبيهات إن شاء الله تعالى. وقد أشار إلى البحث عن الموافقة بقوله :
(والمعروف فيها عدم وجوب الاجتناب ، ويدلّ عليه وجوه :).
منها : الإجماع حيث صرّح به جماعة منهم المحقّق البهبهاني قدسسره ، حيث قال بما حاصله : من أنّ عدم وجوب الاجتناب عن غير المحصور مجمع عليه بين الكلّ ولا ريب فيه ، ومدار
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.