عليه ، وتبعه في دعوى الإجماع غير واحد ممّن تأخّر عنه ، وزاد بعضهم دعوى الضرورة عليه في الجملة.
وبالجملة ، فنقل الإجماع مستفيض ، وهو كاف في المسألة.
الثاني : ما استدلّ به جماعة من لزوم المشقّة في الاجتناب ، ولعلّ المراد لزومه به في أغلب أفراد هذه الشبهة لأغلب أفراد المكلّفين ، فيشمله عموم قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(١) ، وقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢) ،
____________________________________
المسلمين في الأعصار والأمصار كان على ذلك ، وهذا الكلام منه صريح في الإجماع قولا وعملا ، مع نفي الريب عنه ، إلّا أنّ كلام المصنّف قدسسره ظاهر في عدم جزمه بتحقّق الإجماع ، وصريح في كفاية نقل الإجماع في المسألة ، لأنّ الإجماع المذكور وإن كان منقولا ، إلّا أنّه كالمحصّل يكفي في إثبات المسألة الفرعيّة سيّما بعد انضمام دعوى الضرورة وسيرة المسلمين إليه ، والمسألة في المقام فرعيّة لا اصوليّة حتى يقال بعدم اعتبار الظنّ فيها ، مع أنّ المسلّم هو عدم اعتباره في اصول الدين لا في اصول الفقه.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ هذه المسألة وإن كانت من المسائل الفرعيّة ، إلّا أنّها تكون من المسائل المستحدثة التي لم يتعرّض لها القدماء ، فحينئذ لا يمكن فيها دعوى الإجماع من جميع العلماء ، وعلى فرض تحقّق الاتّفاق من المتأخّرين لا يكون كاشفا عن رأي الإمام عليهالسلام. هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل
وقد أشار إلى الوجه الثاني بقوله :
(الثاني : ما استدلّ به جماعة من لزوم المشقّة في الاجتناب).
وهذا الوجه على ما في بحر الفوائد ممّا تمسّك به أكثر الأصحاب ، بل تمسّك به كلّ من تعرّض لحكم هذه المسألة ، وقد تلقّوه بالقبول.
وكيف كان ، فتقريب الاستدلال بلزوم المشقّة والحرج من وجوب الاجتناب في الشبهة غير المحصورة يتّضح بعد ذكر مقدّمة وهي :
إنّ الحرج منفي في الشرع بمقتضى ما دلّ على نفيه ، كقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.
(٢) الحج : ٧٨.