أقول : وللنظر في ما ذكر قدسسره مجال.
أمّا أوّلا : فلأنّ جعل الألف من غير المحصور مناف لما علّلوا عدم وجوب الاجتناب به من لزوم العسر في الاجتناب ، فإنّا إذا فرضنا بيتا عشرون ذراعا في عشرين ذراعا ، وعلم بنجاسة جزء يسير منه يصحّ السجود عليه ، نسبته إلى البيت نسبة الواحد إلى الألف ، فأيّ عسر في الاجتناب عن هذا البيت والصلاة في بيت آخر ، وأيّ فرق بين هذا الفرض وبين أن يعلم بنجاسة ذراع منه أو ذراعين ممّا يوجب حصر الشبهة ، فإنّ سهولة الاجتناب وعسره لا يتفاوت بكون المعلوم إجمالا ، قليلا أو كثيرا ، وكذا لو فرضنا أوقيّة من الطعام يبلغ ألف حبّة ، بل أزيد يعلم بنجاسة أو غصبيّة حبّة منها ، فإنّ جعل هذا من غير المحصور ينافي تعليل الرخصة فيه بتعسّر الاجتناب.
____________________________________
الشبهة محصورة فيجب الاحتياط فيها ، ويحتمل أن يكون المراد بالاستصحاب استصحاب الاحتياط ، لأنّ مقتضى حكم العقل في مورد العلم الإجمالي بوجود الحرام هو وجوب الاحتياط دفعا للعقاب المحتمل كما عرفت غير مرّة ، وخرج منه ما هو غير المحصور ، لوجود مانع عن وجوب الاحتياط فيه ، فبعد العلم الإجمالي بوجود الحرام يكون مقتضى الاستصحاب هو الاحتياط إلى أن يعلم الناقل بأنّ الشبهة غير محصورة فلا يجب فيها الاحتياط ، وكيف كان فقد أورد على ما ذكره المحقّق الثاني بقوله :
(وللنظر في ما ذكر قدسسره مجال.
أمّا أوّلا : فلأنّ جعل الألف من غير المحصور مناف لما علّلوا عدم وجوب الاجتناب به من لزوم العسر في الاجتناب).
وحاصل الإيراد الأوّل على الضابط المذكور في كلام المحقّق قدسسره هو أنّ ما علّلوا به عدم وجوب الاجتناب في الشبهة غير المحصورة من لزوم العسر فيه لا ينطبق مع الضابط المذكور ، بل ينافيه ، وذلك أنّ الشبهة قد تكون غير محصورة بمقتضى الضابط المذكور ، ولم يكن في الاجتناب عنها عسر أصلا ، كما هو مبيّن في المتن مع الأمثلة التي لا تحتاج إلى الشرح والتوضيح.
إلّا أن يقال : إنّ الدليل على عدم وجوب الاجتناب في غير المحصور هو الإجماع فقط ، فما ذكروه من لزوم العسر يكون من باب بيان حكمة الحكم ، وليس علّة له حتى يدور