إجرائها جواز المخالفة القطعيّة ، والكلام بعد فرض حرمتها.
بل في بعض الأخبار ما يدلّ على وجوب الاحتياط ، مثل صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة في جزاء الصيد : (إذا أصبتم مثل هذا ولم تدروا فعليكم بالاحتياط ، حتى تسألوا عنه فتعلموا) (١) وغيرها.
____________________________________
أي : على كون الجاهل تفصيلا معذورا في مخالفة التكليف المعلوم إجمالا ، وذلك لأنّ ما يتصوّر أن يكون مانعا شرعا في المقام ليس إلّا أدلّة البراءة ، وهي لا تشمل المقام لكونه موردا للعلم الإجمالي ، كما أشار إليه بقوله :
(لأنّ أدلّة البراءة غير جارية في المقام ، لاستلزام إجرائها جواز المخالفة القطعيّة ، والكلام بعد حرمتها).
وذلك لأنّ العمل بأدلّة البراءة في المقام لا يخلو عن إحدى الاحتمالات التي لا يمكن الالتزام بها أصلا :
الأوّل : أن يعمل بها في كلا المشتبهين ، بأن يترك كلّ واحد منهما المحتمل كونه واجبا ، فيلزم ـ حينئذ ـ ما ذكر من جواز المخالفة القطعيّة بالنسبة إلى التكليف المعلوم إجمالا مع أنّ المفروض حرمة المخالفة القطعيّة ، فيكون هذا الاحتمال باطلا لاستلزامه الخلف.
والثاني : أن يعمل بها في أحدهما المعيّن ، بأن يترك أحدهما المعيّن تمسّكا بالبراءة مع احتمال كونه واجبا ، ولا يمكن الالتزام بهذا الاحتمال لكونه مستلزما للترجيح من غير مرجّح.
والثالث : بأن يعمل بأدلّة البراءة في أحدهما لا بعينه ، ومن المعلوم أنه لا يجوز الأخذ بهذا الاحتمال ، وذلك لرجوعه إلى التخيير مع أنّ مفاد الأدلّة ليس التخيير.
فلا بدّ من حمل أدلّة البراءة على موارد الشكّ البدوي لئلّا تلزم المحاذير المتقدّمة.
(بل في بعض الأخبار ما يدلّ على وجوب الاحتياط ، مثل صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة في جزاء الصيد : (إذا أصبتم مثل هذا ولم تدروا فعليكم بالاحتياط ، حتى تسألوا عنه فتعلموا)).
والاستدلال بهذه الرواية على وجوب الاحتياط يمكن أن يتمّ من جهتين :
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩١ / ١. التهذيب ٥ : ٤٦٧ / ١٦٣١. الوسائل ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ١.