فلا بدّ ؛ إمّا من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام ممّا علم وجوب شيء إجمالا.
وإمّا من الحكم بأنّ شمولها للواحد المعيّن ـ المعلوم وجوبه ، ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ، ومأخوذين به وملزمين عليه ـ دليل علمي بضميمة حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة على وجوب الإتيان بكلّ من الخصوصيّتين ، فالعلم بوجوب كلّ منهما لنفسه وإن كان محجوبا عنّا ، إلّا أنّ العلم بوجوبه من باب المقدّمة ليس محجوبا عنّا ، ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدّمة ، كما لا تنافي بين عدم الوجوب النفسي واقعا وثبوت الوجوب الغيري كذلك.
واعلم أنّ المحقّق القمّي رحمهالله ـ بعد ما حكى عن المحقّق الخوانساري الميل إلى وجوب الاحتياط في مثل الظهر والجمعة والقصر والإتمام ـ قال : «إنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ،
____________________________________
ممّا حجب العلم بوجوبه فهو موضوع عنّا ، ونحن في سعة منه ، فيلزم ما تقدّم من التناقض.
(فلا بدّ ؛ إمّا من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام ممّا علم وجوب شيء إجمالا) فتكون مختصّة بالشبهات البدويّة ، كما عرفت.
(وإمّا من الحكم بأنّ شمولها) بالمنطوق على كلّ واحد من المحتملين ، وإن كان دليلا على نفي الوجوب الواقعي عنهما ظاهرا ، إلّا أنّ شمولها بالمفهوم (للواحد المعين) عند الله (المعلوم وجوبه) إجمالا عندنا ، ولازمه عدم كونه مرفوعا(عن العباد وكونه محمولا عليهم ، ومأخوذين به وملزمين عليه ، دليل علمي بضميمة حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة على وجوب الإتيان بكلّ من الخصوصيتين).
وحينئذ يجمع بين منطوق أدلّة البراءة ومفهومها بأن نقول : إنّ المراد من المنطوق نفي الوجوب الواقعي عن خصوص كلّ واحد منهما ظاهرا ، والمراد من المفهوم بانضمام حكم العقل وجوب خصوص كلّ واحد منهما بالوجوب المقدّمي الظاهري ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه بتلخيص ، فيرتفع التنافي بينهما حينئذ.
وبالجملة ، إنّ العلم بوجوب كلّ واحد منهما لنفسه وإن كان محجوبا إلّا أنّ العلم بوجوب كلّ واحد منهما من باب المقدّمة العلميّة ليس محجوبا ، فيرتفع الأوّل دون الثاني ، فتكون النتيجة الإتيان بكلّ واحد منهما من باب المقدّمة العلميّة.
(واعلم أنّ المحقّق القمّي رحمهالله ـ بعد ما حكى عن المحقّق الخوانساري الميل إلى وجوب