وأمّا اشتراط التكليف به شرعا فهو غير معقول بالنسبة إلى الخطاب الواقعي ، فإنّ الخطاب الواقعي في يوم الجمعة ، سواء فرض قوله : صلّ الظهر ، أم فرض قوله : صلّ الجمعة ، لا يعقل أن يشترط بالعلم بهذا الحكم التفصيلي.
نعم ، بعد اختفاء هذا الخطاب المطلق يصحّ أن يرد خطاب مطلق ، كقوله : اعمل بذلك الخطاب ولو كان عندك مجهولا ، وائت بما فيه ولو كان غير معلوم ، كما يصحّ أن يرد خطاب
____________________________________
يكون العلم شرطا عقليّا).
وحاصل الإشكال على كلام المحقّق القمّي قدسسره هو إنّ ما ذكره ـ من فرض قيام الدليل على تنجّز التكليف من دون اعتبار العلم التفصيلي في تنجّزه ـ اعتراف منه بعدم قبح التكليف بالمجمل ، أي : المعيّن عند الله تعالى والمجهول عندنا ، إذ لو كان قبيحا لم يقع أصلا ولو مع فرض قيام الدليل عليه.
فما ذكره ـ من وقوع التكليف بالمجمل مع قيام الدليل ثمّ وجوب الاحتياط في مقام الامتثال ـ اعتراف منه بعدم قبح التكليف بالمجمل ، وحينئذ لا يكون العلم التفصيلي شرطا عقليّا لتنجّز التكليف ، فتأمّل جيدا!.
(وأمّا اشتراط التكليف به شرعا فهو غير معقول ... إلى آخره).
أي : اشتراط التكليف بالعلم شرعا ممّا لا يعقل ولا يمكن لكونه مستلزما للدور ، وذلك لأنّ التكليف ـ حينئذ ـ موقوف على العلم كتوقّف كلّ مشروط على شرطه ، والعلم ـ أيضا ـ موقوف على التكليف ، لتوقّف تحقّق العلم على تحقّق المتعلّق قبله كي يتعلّق به.
والحاصل : إنّ الخطاب الواقعي الدالّ على إنشاء الحكم لا يمكن أن يقيّد بالعلم التفصيلي ، فإنّ التقييد المذكور مستلزم للدور والتصويب.
(نعم ، بعد اختفاء هذا الخطاب المطلق يصحّ أن يرد خطاب مطلق) آخر دالّ على عدم اعتبار العلم التفصيلي في تنجّز التكليف بالخطاب المطلق الأوّل عند تردّده بين الخطابين ، أي : صلّ الظهر ، أو : صلّ الجمعة في يوم الجمعة ، سواء كان الخطاب الثاني دالّا على عدم شرطيّة العلم التفصيلي في التنجّز بالعموم كقوله : يجب عليك الاحتياط عند التردّد ، أو بالخصوص ، كقوله : (اعمل بذلك الخطاب ولو كان عندك مجهولا ، وائت بما فيه ولو كان غير معلوم) ، وكذلك (يصحّ أن يرد خطاب مشروط) ، أي : دالّ على شرطيّة العلم