فيه نصّ من الأحكام التي لا تعمّ به البلوى عند من لم يعتمد على البراءة الأصليّة ، فإنّ الحكم فيه ما ذكرنا ، كما سلف» انتهى.
وممّن يظهر منه وجوب الاحتياط هنا المحدّث الاسترآبادي ، حيث حكي عنه في الفوائد المدنيّة أنّه قال :
«إنّ التمسّك بالبراءة الأصليّة إنّما يجوز قبل اكمال الدين ، وأمّا بعد تواتر الأخبار بأنّ كل واقعة محتاج إليها فيها خطاب قطعي من قبل الله تعالى فلا يجوز قطعا.
وكيف يجوز وقد تواتر عنهم عليهمالسلام وجوب التوقّف في ما لم يعلم حكمها معلّلين بأنّه بعد أن كملت الشريعة لا تخلو واقعة عن حكم قطعي وارد من الله تعالى. ومن حكم بغير ما أنزل الله تعالى فاولئك هم الكافرون.
____________________________________
إذا كان الاشتباه من جهة الامور الخارجيّة ، وهو القسم الرابع ، وقد تقدّم مثاله في الشرح ، ثمّ يظهر منه التفصيل بين الأحكام التي لا تعمّ بها البلوى عند من لم يعتمد على البراءة الأصليّة كاستصحاب البراءة الأصليّة ، فإنّ الحكم فيها هو ما ذكرنا من الاحتياط ، وبين الأحكام التي تعمّ بها البلوى ، فالحكم فيها هو استصحاب البراءة الأصليّة وعدم الاحتياط ، إذ لو وجب شيء أو حرم لوصل إلينا عادة مع فرض عموم البلوى فيكون الحكم الذي لم يكن ممّا تعمّ به البلوى من القسم الأوّل الذي يكون الاحتياط فيه واجبا.
وبالجملة ، إنّه يظهر من كلام المحدّث البحراني قدسسره وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة ، وممّن يظهر منه وجوب الاحتياط في المقام هو المحدث الاسترآبادي (حيث حكي عنه في الفوائد المدنيّة أنّه قال : «إنّ التمسّك بالبراءة الأصليّة إنّما يجوز قبل إكمال الدين ، وأمّا بعد تواتر الأخبار بأنّ كلّ واقعة محتاج إليها فيها خطاب قطعي من قبل الله تعالى فلا يجوز قطعا ... إلى آخره).
وحاصل ما أفاده المحدّث الاسترآبادي قدسسره في كلام طويل من استنتاجه وجوب الاحتياط في محتمل الوجوب والحرمة من مقدّمة مشتملة على ما هو محلّ النزاع بين الأشاعرة والعدليّة من الحسن والقبح الذاتيّين عقلا ، حيث أنكرهما الأشاعرة وأثبتهما العدليّة ، وما هو محلّ النزاع بين الأخباريّين والمجتهدين من الملازمة بين حكم العقل بالقبح والحسن ، وبين حكم الشرع بالحرمة والوجوب ، حيث أنكرها الأخباريّون وأثبتها