أحدهما : أن ينوي بكلّ منهما الوجوب والقربة ؛ لكونه بحكم العقل مأمورا بالإتيان بكلّ منهما.
وثانيهما : أن ينوي بكلّ منهما حصول الواجب به أو بصاحبه تقرّبا إلى الله تعالى ، فيفعل كلّا منهما ، لتحصيل الواجب الواقعي وتحصيله لوجوبه والتقرّب به إلى الله تعالى ، فملخّص ذلك أنّي اصلّي الظهر لأجل تحقّق الفريضة الواقعيّة به ، أو بالجمعة التي أفعل بعدها أو فعلت قبلها قربة إلى الله تعالى ، وملخّص ذلك أنّي أصلّي الظهر احتياطا قربة إلى الله تعالى ، وهذا الوجه هو الذي ينبغي أن يقصد.
ولا يرد : أنّ المعتبر في العبادة قصد التقرّب والتعبّد بها بالخصوص ، ولا ريب أنّ كلّا من الصلاتين عبادة ، فلا معنى لكون الداعي في كلّ منهما التقرّب المردّد بين تحقّقه به أو
____________________________________
أي : للمكلّف في كيفيّة نيّة الوجوب والقربة في مورد اشتباه الواجب بين أمرين طريقان :
(أحدهما : أن ينوي بكلّ) واحد من المشتبهين (الوجوب والقربة) ؛ وذلك لكون المكلّف (بحكم العقل) والشرع (مأمورا بالإتيان بكلّ منهما) من باب تحصيل العلم بالبراءة عن الواجب الواقعي.
(وثانيهما : أن ينوي بكلّ منهما حصول الواجب به أو بصاحبه).
بأن يكون قصده من الإتيان بما يشتغل به أو بصاحبه الذي يأتي به بعده إحراز ما هو الواجب واقعا ، والمقصود واضح لا يحتاج إلى الشرح والتوضيح.
والمصنّف قدسسره يرجّح الوجه الثاني بقوله : (وهذا الوجه هو الذي ينبغي أن يقصد) ، إذ لا يرد عليه ما يرد على الوجه الاوّل كما يأتي.
(ولا يرد) عليه (أنّ المعتبر في العبادة قصد التقرّب والتعبّد بها بالخصوص ... إلى آخره).
فلا بدّ أوّلا من تقريب الإيراد على الوجه الثاني ثمّ بيان عدم ورود الإيراد المذكور.
أمّا تقريب الإيراد ، فهو أنّ المعتبر في صحّة العبادة هو قصد التقرّب بها بالخصوص ، ولا يكفي في صحّتها قصد التقرّب المردّد بين الفعلين كما في الوجه الثاني ، حيث إنّ قصد التقرّب في كلّ واحد منهما من جهة حصول الواجب به أو بصاحبه ، وحينئذ لا تقع العبادة