المسألة الثالثة
تكافؤ النصّين
ما إذا اشتبه الواجب بغيره لتكافؤ النصّين. كما في بعض مسائل القصر والإتمام ، فالمشهور فيه التخيير ، لأخبار التخيير السليمة عن المعارض حتى ما دلّ على الأخذ بما فيه الاحتياط ؛ لأنّ المفروض عدم موافقة شيء منهما للاحتياط ، إلّا أن يستظهر من تلك الأدلّة مطلوبيّة الاحتياط عند تصادم الأدلّة ، لكن قد عرفت فيما تقدّم أنّ أخبار الاحتياط لا تقاوم
____________________________________
(المسألة الثالثة : ما إذا اشتبه الواجب بغيره لتكافؤ النصّين. كما في بعض مسائل القصر والإتمام) ، وهو ما إذا سافر إلى أربعة فراسخ أو إلى أقلّ من ثمانية فراسخ وبات فيه أقلّ من عشرة أيام ، حيث وردت فيه أخبار مختلفة متعارضة دلّ بعضها على وجوب القصر ، وبعضها الآخر على وجوب التمام.
(فالمشهور فيه التخيير) ، أي : التخيير في المسألة الاصوليّة ؛ وذلك (لأخبار التخيير) بين الخبرين المتعارضين (السليمة عن المعارض) ، وما يمكن أن يكون معارضا للتخيير هنا هو أخبار الاحتياط ، إلّا أنّ أخبار التخيير تتقدّم عليها ؛ إمّا لكونها أقوى وأظهر دلالة من أخبار الاحتياط ، أو لكونها أخصّ ، فلا بدّ من تخصيصها بها ، وكيف كان فأخبار التخيير وإن كانت على أقسام :
فمنها : ما دلّ على التخيير مطلقا.
ومنها : ما دلّ عليه بعد فقد جملة من المرجّحات.
ومنها : ما دلّ عليه بعد فقد جميع المرجّحات أو أكثرها. إلّا أنّ ظاهر المصنّف هو الأخير ، حيث جعل منشأ اشتباه الواجب بغيره تكافؤ النصّين ، ثمّ إنّ الغرض من تعرّض المصنّف قدسسره هذه المسألة هنا هو لبيان كونها من موارد الاحتياط أو التخيير الذي يدخل في باب البراءة ، وإلّا فإنّ البحث فيها على نحو التفصيل موكول إلى مسألة التعادل والترجيح.
والحاصل أنّ مقتضى أخبار التخيير هو التخيير في المسألة الاصوليّة.
(إلّا أن يستظهر من تلك الأدلّة مطلوبيّة الاحتياط ... إلى آخره) ، حيث يكون الاحتياط ـ حينئذ ـ مرجعا يرجع إليه عند التعارض يحكم بوجوب أخذ ما يكون موافقا للاحتياط ،