نعم ، لو احتمل كون الشيء عبادة كغسل الجنابة ـ إن احتمل الجنابة ـ اكتفى فيه بقصد الامتثال على تقدير تحقّق الأمر به ، لكن ليس هنا تقدير آخر يراد منه التعبّد على ذلك التقدير.
فغاية ما يمكن قصده هنا هو التعبّد على طريق الاحتمال ، فهذا غاية ما يمكن قصده هنا ، بخلاف ما نحن فيه ممّا علم فيه ثبوت التعبّد بأحد الأمرين ، فإنّه لا بدّ فيه من الجزم بالتعبّد.
الثالث : إنّ الظاهر أنّ وجوب كلّ من المحتملات عقلي لا شرعيّ ؛ لأن الحاكم بوجوبه ليس إلّا العقل ، من باب وجوب دفع العقاب المحتمل على تقدير ترك أحد المحتملين ، حتى أنّه لو قلنا بدلالة أخبار الاحتياط أو الخبر المتقدّم في الفائتة على وجوب ذلك كان وجوبه من باب الإرشاد ، وقد تقدّم الكلام من ذلك من فروع الاحتياط في الشكّ في التكليف.
____________________________________
تصلح أن تكون غاية للإحراز ، فيقصد المكلّف أنّ إتيان كلا المحتملين احتياطا ، من أجل إحراز الواقع قربة إلى الله تعالى.
وكيف كان ، فإنّ إتيان الفعل في المقام باحتمال الأمر ، غير كاف في تحقّق القربة ، بل لا بدّ من الاحتياط والإتيان بكلا المحتملين ، حتى يتحقّق القرب بالواجب الواقعي المأتي به في ضمن المحتملين ، والحاصل أنّه لا يكفي في نيّة العبادة في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي إتيانها بقصد احتمال الأمر.
ثمّ أشار قدسسره إلى كفاية قصد احتمال الأمر في العبادة في الشبهة البدوية بقوله : (نعم ، لو احتمل كون الشيء عبادة كغسل الجنابة ـ إن احتمل الجنابة ـ اكتفى فيه بقصد الامتثال) ، أي : امتثال الأمر المحتمل على تقدير الأمر ، بأن يكون جنبا في الواقع.
(الثالث : إنّ الظاهر أنّ وجوب كلّ من المحتملات عقلي لا شرعي ... إلى آخره) وهنا احتمالات بالنسبة إلى وجوب كلّ من المحتملات على القول بوجوب الاحتياط :
الاحتمال الأوّل : أن يكون وجوب كلّ واحد من المحتملات عقليّا ، كما اختاره المصنّف قدسسره.
والاحتمال الثاني : أن يكون وجوب كلّ منهما شرعيّا.
ثمّ إنّ الوجوب الشرعي على قسمين :
الأوّل : أن يكون وجوب كلّ واحد منهما غيريّا.