من تتّبع كتب القوم ، كالخلاف والسرائر وكتب الفاضلين والشهيدين ، والمحقّق الثاني ومن تأخّر عنهم.
بل الإنصاف : إنّه لم أعثر في كلمات من تقدّم ـ على المحقّق السبزواري ـ على من يلتزم بوجوب الاحتياط في الأجزاء والشرائط ، وإن كان فيهم من يختلف كلامه في ذلك ، كالسيّد والشيخ بل الشهيدين قدسسرهم ، وكيف كان فالمختار جريان أصل البراءة ، ولنا على ذلك حكم العقل وما ورد من النقل.
أمّا العقل : فلاستقلاله بقبح مؤاخذة من كلّف بمركّب لم يعلم من أجزائه إلّا عدّة أجزاء ، ويشكّ في أنّه هو هذا أو له جزء آخر ، وهو الشيء الفلاني ، ثمّ بذل جهده في طلب الدليل على جزئيّة ذلك الأمر فلم يقتدر ، فأتى بما علم وترك المشكوك ، خصوصا مع اعتراف المولى بأنّي ما نصبت لك عليه دلالة.
فإنّ القائل بوجوب الاحتياط لا ينبغي أن يفرّق في وجوبه بين أن يكون الآمر لم ينصب دليلا أو نصب واختفى ، غاية الأمر أنّ ترك النصب من الآمر قبيح ، وهذا لا يرفع التكليف
____________________________________
المحقّق القمّي قدسسره في بحث كون ألفاظ العبادات أسامي موضوعة للصحيح أو الأعمّ : إنّه لا خلاف في عدم وجوب الاحتياط بين الأوائل والأواخر. وحكى الفاضل الأصفهاني في حاشية المعالم عن بعضهم نسبة القول بالاحتياط إلى المشهور أيضا.
وكيف كان يقول المصنّف قدسسره : (إنّه لم أعثر في كلمات من تقدّم ـ على المحقّق السبزواري ـ على من يلتزم بوجوب الاحتياط في الأجزاء والشرائط) إلى أن يقول : (فالمختار جريان أصل البراءة ، ولنا على ذلك حكم العقل وما ورد من النقل).
والحاصل إنّ المصنّف قدسسره قد استدلّ على ما اختاره من البراءة بوجهين :
الأوّل : هو حكم العقل بقبح مؤاخذة من يأخذ بالأقلّ المتيقّن بعد الفحص التامّ عن الدليل على وجوب الأكثر ، وعدم وجدان الدليل على وجوب المشكوك ، فتركه حيث يكون العقاب على ترك المشكوك قبيحا ، خصوصا مع اعتراف المولى بعدم نصب الطريق على وجوب المشكوك ، فإنّ حكم العقل بقبح المؤاخذة عند فقد الطريق المنصوب من قبل المولى مع اعترافه بعدم نصب الطريق في غاية الوضوح.
قوله : (فإنّ القائل بوجوب الاحتياط لا ينبغي أن يفرّق في وجوبه بين أن يكون الآمر لم