وثانيا : إنّ نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا ، ولذا لو اتي به لا على وجه الامتثال لم يصحّ ولم يترتّب عليه لطف ولا أثر آخر من آثار العبادة الصحيحة ، بل اللطف إنّما هو في الإتيان به على وجه الامتثال ، وحينئذ فيحتمل أن يكون اللّطف منحصرا في امتثاله التفصيلي مع معرفة وجه الفعل ليوقع الفعل على وجهه ، فإنّ من صرّح من العدليّة بكون العبادات السمعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقليّة ، قد صرّح بوجوب إيقاع الواجب على وجهه ووجوب اقترانه به ، وهذا متعذّر في ما نحن فيه ؛ لأنّ الآتي بالأكثر لا يعلم أنّه الواجب أو الأقلّ المتحقّق من ضمنه ، ولذا صرّح بعضهم كالعلّامة رحمهالله ، ويظهر من آخر منهم وجوب تميّز الأجزاء الواجبة من المستحبّات ليوقع كلّا على وجهه.
وبالجملة : فحصول اللّطف بالفعل المأتي به من الجاهل في ما نحن فيه غير معلوم ـ وإن احرز الواقع ـ بل ظاهرهم عدمه ، فلم يبق عليه إلّا التخلّص من تبعة مخالفة الأمر الموجّه عليه ، فإنّ هذا واجب عقلي في مقام الإطاعة والمعصية ، ولا دخل له بمسألة اللّطف ، بل هو جار على فرض عدم اللّطف وعدم المصلحة في المأمور به رأسا.
____________________________________
على قول ، والصادرة لتقية كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
(وثانيا : إنّ نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا ... إلى آخره) ، وتوضيح هذا الوجه يحتاج إلى بيان مقدّمة وهي : إنّ للأمر الشرعي جهتين :
الجهة الاولى : هي كون الأمر تابعا للمصلحة ، والواجب لطفا في غيره على مذهب العدليّة ، فإنّ الأمر من هذه الجهة يكون للإرشاد كما لا يخفى.
والجهة الثانية : هي مرحلة امتثال الأمر ، إذ يكون الأمر من هذه الجهة مولويّا مستلزما لوجوب الإطاعة وحرمة المعصية. وبعد هذه المقدّمة نقول : إنّ المطلوب في الأوامر العباديّة أمران :
أحدهما : تحصيل اللّطف والمصلحة نظرا إلى الجهة الاولى.
وثانيهما : وجوب الإطاعة وحرمة المعصية نظرا إلى الجهة الثانية ، فلا بدّ فيها من إحراز أمرين :
أحدهما : هو إحراز حصول اللّطف والمصلحة والغرض.
وثانيهما : إحراز سقوط الأمر بالامتثال وعدم استحقاق العقاب والمؤاخذة ، والأوّل