وهو الأكثر في ما نحن فيه موردا لقاعدة البراءة ، كما مثلنا له بالخمر المردّد بين إناءين أحدهما المعيّن نجس.
نعم ، لو ثبت أنّ ذلك ـ أعني : تيقّن أحد طرفي المعلوم بالإجمال تفصيلا وترتّب أثره عليه ـ لا يقدح في وجوب العمل بما يقتضيه من الاحتياط ، فيقال في المثال : إنّ التكليف بالاجتناب عن هذا الخمر المردّد بين الإناءين يقتضي استحقاق العقاب على تناوله بتناول أي الإناءين اتفق كونه خمرا ، فيجب الاجتناب عنهما ، فكذلك في ما نحن فيه ، والدليل العقلي على البراءة
____________________________________
وجوب الاحتياط) ، ويكون الطرف الآخر(وهو الأكثر في ما نحن فيه موردا لقاعدة البراءة).
إلّا أنّ هذا الجواب محلّ نظر ؛ وذلك لأنّ المصنّف قدسسره جعل ذا المقدّمة نفس المتردّد بين الأقلّ والأكثر ، مع أنّ ذا المقدّمة في المقدّمة العلميّة هو العلم لا الواقع ، فكان عليه تبديل قوله : (وهو الأمر المتردّد) بقوله : وهو تحصيل العلم بالأمر الواقعي المردّد ، وفي الواقع هذا هو مراد المصنّف قدسسره وإن كانت عبارته قاصرة عن الدلالة عليه ، كما في بحر الفوائد.
نعم ، لو ثبت أنّ ذاك ، أعني : تيقّن أحد طرفي المعلوم بالإجمال تفصيلا في ترتّب أثره عليه لا يقدح في وجوب العمل بما يقتضيه من الاحتياط ، بأن يقال : إنّ العلم الإجمالي منجّز للتكليف بالواقع بحيث يجب الأخذ به ويعاقب على تركه ، وإن كان ترك الواقع بترك الأكثر ، فيجب حينئذ الاحتياط ، ولا يقدح في وجوبه كون الأقلّ متيقّنا بالفرض ، إلّا أنّ الفرض المذكور غير ثابت ، والدليل العقلي على البراءة من هذه الجهة يحتاج إلى مزيد تأمّل.
ووجه التأمّل كما في بحر الفوائد ، هو أنّ الوجه في المصير إلى الاحتياط في المتباينين إن كان تعارض الأصلين في المشتبهين وتساقطهما فلا تأمّل في الحكم بالبراءة في المقام ؛ وذلك لما عرفت من عدم جريان الأصل في جانب الأقلّ بعد العلم بوجوبه حتى يعارض الأصل في جانب الأكثر.
وأمّا لو كان الوجه في وجوب الاحتياط هو حصول الغاية الرافعة لموضوع البراءة بعد العلم الإجمالي بالتكليف المنجّز نظرا إلى تعميم البيان في حكم العقل بالبراءة في