منها : قوله عليهالسلام : (ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم) (١) ، فإنّ وجوب الجزء المشكوك محجوب علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ، فدلّ على أنّ الجزء المشكوك وجوبه غير واجب على الجاهل ، كما دلّ على أنّ الشيء المشكوك وجوبه النفسي غير واجب في الظاهر على الجاهل.
ويمكن تقريب الاستدلال بأنّ وجوب الأكثر ممّا حجب علمه فهو موضوع ، ولا يعارض بأنّ وجوب الأقلّ كذلك ؛ لأنّ العلم بوجوبه المردّد بين النفسي والغيري غير محجوب فهو غير موضوع.
____________________________________
الامتثال القطعي ؛ لأنّ العلم باشتغال الذمّة يقتضي العلم بالفراغ عقلا ولا يكفي احتمال الفراغ ، ويتمّ البيان الذي يستقلّ العقل بتوقّف صحّة العقاب عليه بالعلم الإجمالي ، فيرتفع به موضوع البراءة العقليّة وهو عدم البيان.
ثمّ إنّ القائل بالتفصيل عوّل على هذه الأخبار في الحكم بالبراءة الشرعيّة ، واستدلّ بها على نفي وجوب الجزء المشكوك أو على رفع جزئيّته.
وكيف كان فقد ذكر المصنّف قدسسره بعض هذه الأخبار :
(منها : قوله عليهالسلام : (ما حجب الله ـ تعالى ـ علمه عن العباد فهو موضوع عنهم)).
ودلالة هذه الرواية على البراءة في المقام واضحة بحيث لا تحتاج إلى البيان ، كما هو مبيّن في المتن ؛ وذلك لأنّ وجوب الجزء المشكوك ممّا حجب الله تعالى علمه عن العباد وكان ممّا لا يعلمون ، فهو موضوع عنهم ، أو يقال : إنّ وجوب الأكثر ممّا حجب علمه عن العباد فيكون موضوعا عنهم ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(ويمكن تقريب الاستدلال بأنّ وجوب الأكثر ممّا حجب علمه فهو موضوع ، ولا يعارض بأنّ وجوب الأقلّ كذلك) ، أي : وجوب الأقلّ النفسي ممّا حجب علمه فهو موضوع ؛ (لأنّ العلم بوجوبه المردّد بين النفسي والغيري غير محجوب فهو غير موضوع) ، فينتفي التعارض لأجل عدم جريان الأصل في طرف الأقلّ ، إلّا أنّ هنا مجالا للسؤال عن الفرق بين الاستدلال الأوّل وهو الاستدلال على نفي وجوب الجزء المشكوك ، وبين الاستدلال
__________________
(١) التوحيد : ٤١٣ / ٩. الوسائل ٢٧ : ١٦٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٣٣.