ثمّ قال : والتحقيق التمسّك بهذه الأخبار على نفي الحكم الوضعي وهي الجزئيّة والشرطيّة» انتهى.
أقول : قد ذكرنا في المتباينين ـ وفيما نحن فيه ـ أنّ استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط إلّا على القول باعتبار الأصل المثبت الذي لا نقول به وفاقا لهذا الفاضل ، وأنّ العمدة في وجوب الاحتياط هو حكم العقل بوجوب إحراز محتملات الواجب الواقعي بعد
____________________________________
لكون أدلّة الاحتياط حاكمة عليها على ما ذهب إليه صاحب الفصول قدسسره ، ومن طرف آخر قد تمسّك الاصوليّون بهذه الأخبار الدالّة على البراءة في المقام ، ولذا يقول : (والتحقيق التمسّك بهذه الأخبار على نفي الحكم الوضعي وهي الجزئيّة والشرطيّة).
وملخّص ما ذكره صاحب الفصول من التحقيق ، على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي دامت إفاداته ، هو أنّ الجزء المشكوك مشكوك من جهتين :
الاولى : من جهة الحكم التكليفي ، أعني : الوجوب.
والثانية : من جهة الحكم الوضعي ، أعني : الجزئيّة. وأخبار البراءة تنفع في نفي الجزئيّة ولا تنفع في نفي الوجوب ؛ لكونها معارضة مع أصالة الاشتغال المقتضية للوجوب ، ولم تكن معارضة معها من جهة نفي الجزئيّة ؛ لأنّ مقتضى الاشتغال هو مجرّد الوجوب لا الجزئيّة. انتهى.
فالمتحصّل من كلام صاحب الفصول قدسسره هو أنّ له في المقام دعويين :
إحداهما : هي وجوب الاحتياط بالنسبة إلى الحكم التكليفي.
وثانيتهما : هي البراءة بالنسبة إلى الحكم الوضعي.
(أقول : قد ذكرنا في المتباينين ـ وفيما نحن فيه ـ أنّ استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط إلّا على القول باعتبار الأصل المثبت) ، فإنّ ترتّب لزوم الاحتياط على اشتغال الذمّة عقلي وهو أصل مثبت ؛ لأنّ الأصل المثبت هو ما لا يترتّب على المستصحب أثر شرعي ، سواء كان أثرا عقليّا أو عاديّا أو عرفيّا ، وهو ليس بحجّة حتى عند صاحب الفصول قدسسره ، وأمّا قاعدة الاشتغال ، كما أشار إليها قدسسره بقوله : (وإنّ العمدة في وجوب الاحتياط هو حكم العقل بوجوب إحراز محتملات الواجب الواقعي ... إلى آخره).
فيرد عليها ما حاصله : من أنّ حكم العقل بوجوب إحراز محتملات الواجب الواقعي ـ