موضوعة للماهيّة الصحيحة ، يعني : الجامعة لجميع الأجزاء الواقعيّة.
والأقوى هنا ـ أيضا ـ جريان أصالة البراءة ، لعين ما أسلفناه في سابقه من العقل والنقل.
____________________________________
(وقد يكون في المعنى الشرعي كالأوامر المتعلّقة في الكتاب والسنّة بالصلاة وأمثالها ... إلى آخره) وإجمال أسامي العبادات ـ كالصّلاة وأمثالها ـ مبنيّا على القول بكون ألفاظ العبادات موضوعة للماهيّة الصحيحة لا الأعمّ ، والصحيح العبادي هو تامّ الأجزاء والشرائط على قول وتامّ الأجزاء فقط على قول آخر.
والمراد من الأجزاء على كلا القولين هو الركن المقوّم للعبادة بشكل يكون انتفاء أحدها موجبا لانتفاء صدق المركّب عليه.
فمثلا إذا فقدت الصلاة جزء من أجزائها الركنيّة يشك في أنّها تسمّى صلاة بعد فقدانها لهذا الجزء أم لا ، وبذلك يصبح لفظ الصلاة مجملا بمعنى أنّ حقيقة الصلاة هل هي عبارة عن الماهيّة المركّبة من تسعة أجزاء حتى تصدق على فاقدة الاستعاذة مثلا ، أو هي مركبّة من عشرة أجزاء وعندها لا تصدق على فاقدة الاستعاذة؟.
فهنا نشكّ ويسري هذا الشكّ في جزئيّة شيء لها شكّا في صدق الصلاة على فاقدة أو عدمه ، هذا الصدق مساوق لصحتها أو بطلانها ، هذا بخلاف القول بكون ألفاظ العبادات موضوعة للأعمّ من الصحيح والفاسد ، حيث يرجع الشكّ في جزئيّة شيء للمأمور به إلى الشكّ في تقييد المطلق أو عدمه ، لا إلى الشكّ في الصدق وعدمه ؛ وذلك لفرض الصدق وتحقّق الموضوع له حتى مع فقدان الجزء ، وبذلك لا يبقى إجمال في متعلّق الأوامر.
ثمّ إنّ الفرق بين ما ذكره المصنّف قدسسره من مثال الإجمال في المعنى العرفي وبين ما ذكره من مثال الإجمال في المعنى الشرعي ، حيث يكون الإجمال في لفظ ظاهر البدن ناشئا من التركيب كما في قوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)(١) حيث يتردّد حقّ العفو بين الزوج ومطلق الولي ، وهذا بخلاف الإجمال في لفظ الصلاة ، فإنّ الإجمال في هذا المثال يكون في الصلاة بنفسها ، هكذا في التعليقة بتصرّف منّا.
ثمّ إنّ المصنّف قدسسره قال : (والأقوى هنا ـ أيضا ـ جريان أصالة البراءة ، لعين ما أسلفناه في
__________________
(١) البقرة : ٢٣٧.