وحينئذ فإذا شكّ في جزئيّة شيء للصلاة ، فإن شكّ في كونه جزء مقوّما لنفس المطلق ، فالشكّ فيه راجع إلى الشكّ في صدق اسم الصلاة ، ولا يجوز فيه إجراء البراءة ، لوجوب القطع بتحقّق مفهوم الصلاة ـ كما أشرنا إليه فيما سبق ـ ولا إجراء أصالة إطلاق اللفظ وعدم تقييده ؛ لأنّه فرع صدق المطلق على الخالي من ذلك المشكوك ، فحكم هذا المشكوك عند القائل بالأعمّ حكم جميع الأجزاء عند القائل بالصحيح ، وأمّا إن علم أنّه ليس من مقوّمات حقيقة الصلاة ، بل هو على تقدير اعتباره وكونه جزء في الواقع ليس إلّا من الأجزاء التي يقيّد معنى اللفظ بها ، لكون اللفظ موضوعا للأعمّ من واجده وفاقده. وحينئذ فالشكّ في اعتباره وجزئيّته راجع إلى الشكّ في تقييد إطلاق الصلاة في (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بهذا الشيء ، بأن يراد منه مثلا : أقيموا الصلاة المشتملة على جلسة الاستراحة.
ومن المعلوم : إنّ الشكّ في التقييد يرجع فيه إلى أصالة الإطلاق وعدم التقييد ، فيحكم بأنّ مطلوب الأمر غير مقيّد بوجود هذا المشكوك ، وبأنّ الامتثال يحصل بدونه ، وأنّ هذا المشكوك غير معتبر في الامتثال ، وهذا معنى نفي جزئيّته بمقتضى الإطلاق.
نعم ، هنا توهّم نظير ما ذكرناه سابقا ، من الخلط بين المفهوم والمصداق ، وهو توهّم : «أنّه إذا قام الإجماع بل الضرورة على أنّ الشارع لا يأمر بالفاسدة ؛ لأنّ الفاسد ما خالف المأمور به ، فكيف يكون مأمورا به؟ فقد ثبت تقييد الصلاة دفعة واحدة بكونها صحيحة جامعة لجميع الأجزاء ، فكلّما شكّ في جزئية شيء كان راجعا إلى الشكّ في تحقّق العنوان المقيّد للمأمور به ، فيجب الاحتياط ليقطع بتحقق ذلك العنوان على تقييده ؛ لأنّه كما يجب القطع بحصول نفس العنوان وهو الصلاة ، فلا بدّ من إتيان كلّ ما يحتمل دخوله في تحقّقها كما أشرنا إليه ، كذلك يجب القطع بتحصيل القيد المعلوم الذي قيّد به العنوان ، كما لو قال : «اعتق مملوكا مؤمنا» ، فإنّه يجب القطع بحصول الإيمان كالقطع بكونه مملوكا».
____________________________________
مطلوب الأمر غير مقيّد بوجود هذا المشكوك ، والامتثال يحصل بدونه ، فتنفي جزئيّته بمقتضى الإطلاق. هذا ملخّص كلام المصنّف قدسسره في هذا المقام وتفصيله في المتن ، فراجع.
(نعم ، هنا توهّم نظير ما ذكرناه سابقا ، من الخلط بين المفهوم والمصداق) ، فلا بدّ أوّلا من تكرار التوهّم السابق حتى يتّضح هذا التوهّم الذي يكون نظيرا له ، فنقول :