____________________________________
قلنا دعوتان ؛ أمّا الثانية بالنسبة إلى شقّها الثاني ، فلما عرفت آنفا ، وبالنسبة إلى شقّها الأوّل ؛ فلأنّ الأجزاء المقوّمة عند الأعمّي بمنزلة مطلق الأجزاء عند الصحيحي ، فكما أنّ المرجع على القول بالصحيح في الشكّ في مطلق الأجزاء هو البراءة على المختار فكذلك الأجزاء المقوّمة على القول بالأعمّ.
هذا واضح ، إنّما الإشكال في تحقيق الشبهة الحكميّة بالنسبة إلى تحقّق الأجزاء المقوّمة عند الأعمّي ، لكي يرجع فيها إلى البراءة ؛ وذلك لأنّ لأهل القول بالأعمّ في تفسير الأجزاء المقوّمة وجهين :
أحدهما : ما هو المعروف بينهم من أنّها عبارة عن معظم أجزاء لا تتمّ الهيئة الخارجيّة عند العرف بدونها ، فإن قامت بعشرة كانت هي الأجزاء المقوّمة ، وإن قامت بعشرين فكذلك ، وهكذا ، فلا خصوصيّة لبعض الأجزاء دون بعض ، بل العبرة بما قامت به الهيئة عند العرف نظير سائر المركّبات الخارجيّة مثل الدار ، والسرير ، والأيارج ، وأمثالها ، ولا ينافي ذلك كون المخترع شرعيّا ؛ لأنّ اللفظ إنّما وضع عند المخترع للجامع ، إلّا أنّ العرف أطلقه على ناقصة الأجزاء تسامحا وتوسّعا كما في باب المقادير.
وثانيهما : كونها عبارة عن عدّة أجزاء مخصوصة معيّنة في الواقع دون كلّ ما تتحقّق به الهيئة عند العرف. إذا عرفت هذا فنقول :
إنّ المناط في الأجزاء المقوّمة إن كان هو الأوّل فلا مسرح للشبهة الحكميّة فيها ، كيف والمرجع حينئذ هو العرف؟ كما في سائر المركّبات ، وليس العرف بغائب عنّا ، لكي يطرأ الشكّ في المدلول عندهم.
نعم ، يمكن تعقّلها من باب الشكّ في الاندراج ، كماء السيل بالنسبة إلى الماء المطلق ، وإن كان المناط فيها هو الثاني ، فلا شبهة في تعقّل الشبهة الحكميّة فيها ، كيف وكون تلك الأجزاء المخصوصة معيّنة في الواقع لا ينافي حصول الشكّ لنا في عددها؟ وكيف كان ، فإن فرض الشكّ في الأجزاء المقوّمة فحالها حال مطلق الأجزاء على القول بالصحيح. هذا كلّه في الدعوى الثانية.
وأمّا الاولى ، فنقول : إنّ إثباتها مبني على بيان دقيقة ، وهي أنّ ماهيّة الصلاة مثلا عند