وقد يفرّق بينهما بإلحاق الأوّل بالشكّ في الجزئيّة دون الثاني ، نظرا إلى جريان العقل والنقل الدالّين على عدم المؤاخذة على ما لم يعلم من الشارع المؤاخذة عليه في الأوّل ، فإنّ وجوب الوضوء إذا لم يعلم المؤاخذة عليه كان التكليف به ولو مقدّمة منفيّا بحكم العقل والنقل ، والمفروض أنّ الشرط الشرعي إنّما انتزع من الأمر بالوضوء في الشريعة ، فينتفي بانتفاء منشأ انتزاعه في الظاهر.
وأمّا ما كان متحدا مع المقيّد في الوجود الخارجي كالإيمان في الرقبة المؤمنة فليس ممّا يتعلّق به وجوب وإلزام مغاير لوجوب أصل الفعل ولو مقدّمة ، فلا يندرج فيما حجب الله
____________________________________
وأمّا البراءة في القسم الثاني وهو تردّد الرقبة الواجب عتقها بين كونها خصوص المؤمنة وبين الأعمّ منها ومن الكافرة ، فلأجل أنّ تعلّق التكليف بالطبيعي المردّد بين الإطلاق والتقييد معلوم بالعلم الإجمالي ، فيؤخذ بالمتيقّن وهو نفس الطبيعة ، وتجري البراءة بالنسبة إلى اشتراط القيد لكونه ضيّقا على المكلّف أيضا.
ثمّ إنّ النزاع في القسم الثاني مبني على القول بالبراءة في الأجزاء والشرائط ، وأمّا على القول بوجوب الاحتياط فيهما فلا نزاع في وجوب الاحتياط فيه لكونه أولى بوجوب الاحتياط منهما ، وكيف كان فيمكن التفريق بين القسمين من حيث جريان البراءة وعدمه ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وقد يفرّق بينهما بإلحاق الأوّل بالشكّ في الجزئيّة) فتجري فيه البراءة (دون الثاني) فلا تجري فيه البراءة ، ووجه جريان البراءة في الأوّل ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(نظرا إلى جريان العقل والنقل الدالّين على عدم المؤاخذة على ما لم يعلم من الشارع المؤاخذة عليه في الأوّل) ، كما تقدّم من أنّ المتيقّن هو وجوب المطلق وهو الصلاة ، وأمّا وجوب الوضوء فهو مشكوك لم يعلم من الشارع المؤاخذة على تركه ، فينتفي وجوب الطهارة بانتفاء منشأ انتزاعه.
أمّا وجه عدم البراءة في الثاني فهو ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وأمّا ما كان متحدا مع المقيّد في الوجود الخارجي كالإيمان في الرقبة المؤمنة فليس ممّا يتعلّق به وجوب وإلزام مغاير لوجوب أصل الفعل ولو مقدّمة) ، إذ تعدّد الوجوب فرع لتعدّد الوجود ، والإيمان لا وجود له في الخارج غير وجود الرقبة ، فكيف يتصوّر له وجوب