إتيان الفعل بجميع ما يعتبر فيه عدا نيّة الداعي.
ثمّ إنّ منشأ احتمال الوجوب إذا كان خبرا ضعيفا فلا حاجة إلى أخبار الاحتياط وكلفة إثبات أنّ الأمر فيها للاستحباب الشرعي دون الإرشاد العقلي ، لورود بعض الأخبار باستحباب فعل كلّ ما يحتمل فيه الثواب.
____________________________________
وهذا بخلاف ما إذا كان الاحتياط بالمعنى الحقيقي ، وهو إتيان محتمل العبادة بداعي احتمال المطلوبيّة ، فحينئذ لم يجز للمجتهد أن يفتي باستحباب هذا الفعل إلّا مع التقييد بإتيانه بداعي الاحتمال المذكور حتى يصدق عليه عنوان الاحتياط.
ثمّ يقول المصنّف قدسسره : إنّ المعنى الثاني للاحتياط مخالف لسيرة أهل الفتوى ، إذ فتواهم باستحباب الفعل لم يكن مقيّدا بإتيانه بداعي الأمر المحتمل ، ومن هنا نكشف أنّ المراد بالاحتياط لم يكن معناه الحقيقي ، بل المراد به هو إتيان محتمل العبادة بجميع ما يعتبر فيه عدا نيّة الداعي المذكور.
ومنها : ما أشار إليه بقوله :
(ثمّ إنّ منشأ احتمال الوجوب إذا كان خبرا ضعيفا فلا حاجة إلى أخبار الاحتياط ... إلى آخره).
وحاصل هذا الوجه هو تصحيح الاحتياط في العبادات بأخبار من بلغ ، من دون حاجة إلى القول بكفاية الحسن الذاتي في نيّة القربة ، أو كفاية إتيان محتمل العبادة بنيّة احتمال الأمر أو أوامر الاحتياط ، وإثبات كونها مولويّة لا إرشاديّة ، فإنّ الأخبار الواردة في هذا الباب المعروفة بأخبار(من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآله شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله) كافية في استحباب فعل احتمل وجوبه نظرا إلى ما هو المشهور بين الفقهاء من التسامح في أدلّة السنن ، فيثبت استحباب محتمل الوجوب بهذه الأخبار فيؤتى بمحتمل الوجوب بقصد امتثال هذا الأمر ، فيصحّ الاحتياط في العبادات بهذه الأخبار.
غاية الأمر مورد هذه الأخبار مختصّ بما إذا كان منشأ احتمال الوجوب خبرا ضعيفا لا فتوى الفقيه ، لأنّ المفتي ليس مخبرا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلا يصدق عليه البلوغ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وهذه الأخبار وإن كانت كثيرة إلّا إنّا نكتفي بما ذكره المصنّف قدسسره حذرا من التطويل :
منها : ما أشار إليه قدسسره بقوله :