والأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة ، إلّا إنّ ما ذكرناه أوضح دلالة على ما نحن فيه.
____________________________________
الحديث حينئذ : من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فعل له ثواب ، فعمل الفعل كان له أجر ذلك الفعل. ومن المعلوم أنّ الثواب يترتّب على الفعل إذا كان مستحبا ، فيكون مفاد هذه الأخبار استحباب هذا الفعل ، وهو المطلوب.
(والأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة ، إلّا إنّ ما ذكرناه أوضح دلالة على ما نحن فيه).
لأنّها تدلّ بالمطابقة على ثبوت الثواب ، ومن المعلوم أنّ ترتّب الثواب كاشف عن وجود أمر ، فتدلّ هذه الأخبار بالالتزام على وجود أمر مولوي استحبابي بإتيان الفعل الذي بلغ له الثواب ، فيصحّ ـ حينئذ ـ إتيان محتمل العبادة بداعي امتثال هذا الأمر. هذا تمام الكلام في تصحيح الاحتياط في العبادات بأخبار من بلغ.
وقبل بيان ما يرد على الاستدلال بهذه الأخبار على تصحيح الاحتياط في العبادات نذكر ما يمكن أن يكون المراد بها من الاحتمالات :
منها : أن يكون المراد بهذه الأخبار إلغاء ما يشترط في حجيّة أخبار الآحاد ، فيما إذا كان مدلولها حكما مستحبّا ، فلا يشترط في اعتبارها وحجّيتها عدالة الراوي ، أو وثاقته ، كما يشترط في حجيّتها ذلك فيما لو كان مدلولها حكما إلزاميّا كالوجوب ، فيثبت استحباب شيء بخبر ضعيف ، ولا يثبت وجوب شيء إلّا بخبر صحيح ، ولهذا سمّيت هذه الأخبار بما دلّ على التسامح في أدلّة السنن ، كما سميت بأخبار من بلغ ، فهذا الاحتمال لا يكون مربوطا بما نحن فيه ، بل هذه الاخبار ناظرة إلى اعتبار أخبار الآحاد في السنن ـ وإن كانت ضعيفة.
ومنها : أن يكون المراد بها تحديد الثواب بعد ما ثبت استحباب شيء بدليل معتبر ، وهذا الاحتمال ـ أيضا ـ خارج عمّا نحن فيه ، وتقدّم الكلام فيه بعنوان التوهّم ، فراجع.
ومنها : أن يكون المراد بها إثبات أصل استحباب فعل احتمل وجوبه بخبر ضعيف ، وهذا الاحتمال هو الذي يرتبط بالمقام ، حيث يثبت استحباب محتمل الوجوب بهذه الأخبار ، فيأتي بمحتمل الوجوب امتثالا لهذا الأمر.
ثمّ إنّ المصنّف أورد على هذه الأخبار بوجوه :
منها : ما أشار إليه بقوله :