كان أصليّا أو عرضيّا ، كالواجب المخيّر المتعيّن لأجل الانحصار. أمّا لو شكّ في الوجوب التخييري والإباحة فلا تجري فيه أدلّة البراءة لظهورها في عدم تعيين المجهول على المكلّف بحيث يلزم به ويعاقب عليه.
____________________________________
سواء كان أصليّا أو عرضيّا ، كالواجب المخيّر المتعيّن لأجل الانحصار).
وحاصل ما يظهر من كلام المصنّف قدسسره في هذا الأمر الثالث أمران :
أحدهما : عدم جريان البراءة في الوجوب التخييري بعد جريانها في الوجوب التعييني قطعا.
وثانيهما : جريان أصالة عدم الوجوب في الوجوب التخييري الشرعي دون العقلي.
وقد أشار المصنّف قدسسره إلى الأمر الأوّل بقوله :
(إنّ الظاهر اختصاص أدلّة البراءة بصورة الشكّ في الوجوب التعييني ، سواء كان أصليّا) ، كالدعاء عند رؤية الهلال (أو عرضيّا كالواجب المخيّر المتعيّن) في أحد العدلين ، (لأجل الانحصار) فيه بسبب عدم تمكّن المكلّف عن العدل الآخر ، وذلك كما إذا شكّ في أنّ إطعام العشرة وصيام الثلاثة واجبان تخييرا على من أفطر قضاء رمضان بعد الزوال أو مستحبّان تخييرا مع فرض عدم تمكّن المكلّف من الصيام ، وبذلك يكون الإطعام ممّا احتمل كونه واجبا تعيينيا عرضيّا أو مستحبّا كذلك.
وبالجملة ، إنّ أدلّة البراءة مختصّة بصورة الشكّ في الوجوب التعييني أصليّا كان أو عرضيّا ، فلا تجري في الوجوب التخييري فيما إذا شكّ في كون أحد الفعلين مباحا أو عدلا للواجب التخييري بعد العلم بكون الفعل الآخر واجبا ، فلو كان مباحا كان الفعل الآخر واجبا تعيينيّا ، ولو كان واجبا لكان عدلا للواجب التخييري ، وبهذا يكون الفعل الآخر واجبا تخييريّا ، فيدور أمر الفعل الآخر الواجب بين التعيين والتخيير.
وأمّا عدم جريان البراءة في الوجوب التخييري ، فيتّضح بعد ذكر مقدّمة وهي :
إنّ مقتضى أدلّة البراءة هو جعل المكلّف في سعة من رفع الضيق عنه ؛ وذلك لتحقّق الامتنان في هذا الفرض ، وفي هذه المقدّمة يتّضح لك ما ذكره المصنّف قدسسره وجها لعدم جريان أدلّة البراءة حيث قال :
(لظهورها في عدم تعيين المجهول على المكلّف).