وممّا يدلّ على الأمر بالتخيير ـ في خصوص ما نحن فيه من اشتباه الوجوب بغير الحرمة ـ التوقيع المرويّ في الاحتجاج عن الحميري ، حيث كتب إلى الصاحب عجّل الله فرجه :
سألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل إلى الركعة الثالثة ، هل يجب عليه أن يكبّر؟ فإنّ بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه تكبيرة ويجوز أن يقول بحول الله وقوّته أقوم وأقعد.
الجواب : (في ذلك حديثان ، أمّا أحدهما : فإنّه إذا انتقل عن حالة إلى اخرى فعليه التكبير. وأمّا الحديث الآخر : فإنّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، والتشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا) (١) ، الخبر.
____________________________________
باعتبار المناط ، حيث يكون المناط المستفاد من قوله عليهالسلام : (إذا أصبتم بمثل هذا ، ولم تدروا فعليكم بالاحتياط) (٢) هو مطلق عدم العلم بالحكم الشرعي ، سواء كان السبب فيه عدم النصّ ، أو تعارض النصّين ، وممّا ذكر في الجواب عن رواية غوالي اللآلئ من أنّها على تقدير صحّتها سندا مختصّة بصورة التمكّن من الاستعلام ، يظهر الجواب عن صحيحة ابن الحجاج بأنّها مختصة بصورة التمكّن من إزالة الشبهة بالسؤال عن الإمام عليهالسلام ، بقرينة قول الإمام عليهالسلام في ذيلها : (حتى تسألوا عنه وتعلموا).
(وممّا يدلّ على الأمر بالتخيير ـ في خصوص ما نحن فيه من اشتباه الوجوب بغير الحرمة ـ التوقيع المرويّ في الاحتجاج عن الحميري ... إلى آخره).
وملخّص ما ذكر في هذا التوقيع من السؤال والجواب هو السؤال عن وجوب التكبير على المصلّي حال قيامه ، وانتقاله من التشهد الأوّل إلى الركعة الثالثة ، فأجاب الإمام بما حاصله : إنّ في ذلك حديثين : مفاد أحدهما : وجوب التكبير حال انتقال المصلّي من حالة إلى اخرى. ومفاد الآخر : عدم وجوب التكبير بعد اتمام السجدة الثانية حال القيام.
ثمّ قال : (والتشهد الأوّل يجري هذا المجرى).
أي : يجري مجرى الجلوس بعد السجدة الثانية ، فلا يجب بعده التكبير إلى أن قال عليهالسلام :
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٥٦٨. الوسائل ٦ : ٣٦٣ ، أبواب السجود ، ب ١٣ ، ح ٨.
(٢) الكافي ٤ : ٣٩١ / ١. الوسائل ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ١.