طاقتهنّ وتعجز عن مقارنتهنّ ، وجعل عقله في دماغه ، وسرّهُ في طينته ، وغضبه في كبده ، وصرامته (١) في قلبه ، ورغبته في رئته (٢) ، وضحكه في طحاله ، وفرحه وحزنه ، وكربه في وجهه ، وجعل فيه ثلاثمائة وستّين مفصلاً.
قال وهب : فالطبيب العالم بالداء والدواء يعلم من حيث يأتي (٣) السُّقم من قِبَل زيادة تكون في إحدى هذه الفطر الأربع أو نقصان منها ، ويعلم الدواء الذي به يعالجهنّ فيزيد الناقصة منهنّ أو ينقص من الزائد حتّى يستقيم الجسد على فطرته ويعتدل الشيء بأقرانه ، ثمّ تصير هذه الأخلاق التي ركّب عليها الجسد فطراً عليها تبنى أخلاق بني آدم وبها توصف ، فمن التراب العزم ، ومن الماء اللين ، ومن الحرارة الحدّة ، ومن البرودة الأناة ، فإن مالت به اليبوسة كان عزمه القسوة ، وإن مالت به الرطوبة كانت لينة مهانة ، وإن مالت به الحرارة كانت حدّته طيشاً وسفهاً ، وإن مالت به البرودة كانت أناته ريباً وبلداً (٤) ، فإن اعتدلت أخلاقه وكنّ سواء ، واستقامت فطرته كان جازماً في أمره ، ليّناً في عزمه ، حادّاً في لينه ، متأنّياً في حدّته لا يغلبه خلق من أخلاقه ولا يميل به ، من أيّها شاء استكثر ، ومن أيّها شاء أقلّ (٥) ، ومن أيّها شاء عدل ، ويعلم كلّ خلق منها إذا علا
__________________
(١) في «ج ، ن ، س» : ضرامته.
وورد في حاشية «ج» : ضرم ، كفرح : اشتدَّ جوعه. القاموس المحيط ٤ : ١٠٢.
(٢) ورد في حاشية «ج» : الرئة موضع النّفس والريح من الحيوان. القاموس المحيط ٤ : ٣٦٤.
(٣) في «س ، ع ، ش» : يؤتى.
(٤) ورد في حاشية «ج» : التلبّد ضدّ التجلّد. القاموس المحيط ١ : ٣٨٦.
(٥) في المطبوع : استقلّ.