ثمّ قال : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا خلق آدم من الطين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات (١) ثمّ ابتدع له خلقاً (٢) ، ثمّ جعلها في موضع النقرة (٣) التي بين وركيه (٤) ، وذلك لكي تكون المرأة تبعاً للرجل ، فأقبلت تتحرّك فانتبه لتحرّكها ، فلمّا انتبه نوديت أن تنحّي عنه ، فلمّا نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته ، غير أنّها اُنثى فكلّمها فكلّمته بلغته.
فقال لها : من أنت؟
فقالت : خلقٌ خلقني الله كما ترى.
فقال آدم عند ذلك : ياربِّ ، من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربهوالنظر إليه؟
فقال الله : هذه أمتي حوّاء ، أفتحب أن تكون معك فتؤنسك وتحدّثك وتأتمر لأمرك؟
قال : نعم ياربِّ ، ولك بذلك الحمد والشكر ما بقيت.
فقال الله تبارك وتعالى : فاخطبها إليّ؛ فإنّها أمَتي (٥) وقد تصلح أيضاً للشهوة ، وألقى الله عليه الشهوة وقد علّم قبل ذلك المعرفة (٦) ، فقال : ياربِّ ، فإنّي أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟
__________________
(١) السبات : قال أبو عبيد : المسبت الذي لا يتحرّك ، وقال الليث : السبات من النوم شبه غشية . انظر تهذيب اللغة ١٢ : ٣٨٧ / سبت.
(٢) في الفقيه : حوّاء.
(٣) في «ح ، ع ، س ، ش ، ن ، ج» : النفس.
والنُقرة من الورك : الثقب الذي في وسطها. لسان العرب ٥ : ٢٢٩ / نقر.
(٤) في «ح ، س ، ع ، ش ، ن» : ركبتيه.
(٥) في «ح ، س ، ش ، ن ، ج» : اُنثى ، وفي حاشية «ت ، ج» مطابق لما في المتن.
(٦) في الفقيه : وقد علّمه قبل ذلك المعرفة بكلّ شيء.