فإن قلت : عموم جزئيّة الجزء لحال النسيان يتمّ فيما لو ثبتت الجزئيّة بمثل قوله : (لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب) (١) ، دون ما لو قام الإجماع مثلا على جزئيّة شيء في الجملة واحتمل اختصاصها بحال الذكر.
____________________________________
وبالجملة ، لا يمكن اختلاف الخطاب وتنويعه بحسب ما يطرأ على المكلّف من الحالات كحالة العلم ، والجهل ، والالتفات ، والغفلة ؛ لأنّ اختلاف الخطاب في حالتي العلم والجهل ، بأن يكون وجوب السورة في الصلاة مختصا بالعالم مستلزما للدور ؛ لأنّ العلم بالوجوب موقوف على تحقّقه قبل العلم ، فلو كان وجوب السورة موقوفا على العلم ، لدار.
والاختلاف في حالتي الغفلة والالتفات مبني على أن يكون الغافل قابلا للخطاب ، بأن يقال : أيّها الغافل تجب عليك الصلاة بلا سورة ، مع أنّه لم يكن قابلا للخطاب ، إذ بمجرّد الخطاب يزول عنوان الغفلة فينتفي موضوع الخطاب.
هذا ملخّص الكلام في هذا المقام ، ومن يريد التفصيل فعليه بالكتب المبسوطة.
(فإن قلت : عموم جزئيّة الجزء لحال النسيان يتمّ فيما لو ثبتت الجزئيّة بمثل قوله : (لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب) ... إلى آخره).
وهذا الإشكال ردّ لكلّية الكبرى المذكورة في الاستدلال المتقدّم ، وتوضيحه يتوقف على بيان مقدّمة وهي :
إنّ ما يثبت به جزئيّة الجزء على أنحاء :
منها : أن يكون دليلا لفظيّا يقتضي إطلاقه الجزئيّة حتى في حال النسيان ، كقوله عليهالسلام : (لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب) حيث يقتضي إطلاقه جزئيّة فاتحة الكتاب في حالتي الذكر والنسيان.
ومنها : أن يكون دليلا لبيّا كالإجماع مثلا.
ومنها : أن يكون الدليل على الجزئيّة حكما تكليفيّا مختصّا بحال الذكر.
وبعد هذه المقدّمة القصيرة نقول : إنّ كلّية الكبرى وعموم الجزئيّة لحال النسيان إنّما
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٣ : ٨٢ / ٦٥ ، وقريب منه في الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٨ ، وقريب منه أيضا في التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧٣ ، ٥٧٤ ، ٥٧٥ ، وكذلك الوسائل ٦ : ٣٧ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ١ ، ح ١ ، وفي صحيح مسلم ١ : ٢٤٧ / ٣٩٤ ـ : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).