الخامس : حصول العلم الإجمالي لكلّ أحد قبل الأخذ في استعلام المسائل بوجود واجبات ومحرّمات كثيرة في الشريعة ، ومعه لا يصحّ التمسّك بأصل البراءة ، لما تقدّم من أنّ مجراه الشكّ في أصل التكليف ، لا في المكلّف به مع العلم بالتكليف.
فإن قلت : إذا علم المكلّف تفصيلا بعدّة امور من الواجبات والمحرّمات يحتمل انحصار التكاليف فيها ، كان الشكّ بالنسبة إلى مجهولاته شكّا في أصل التكليف.
وبتقرير آخر : إن كان استعلام جملة من الواجبات والمحرّمات تفصيلا موجبا لكون الشكّ في الباقي شكّا في أصل التكليف ، فلا مقتضي لوجوب الفحص وعدم الرجوع إلى البراءة ، وإلّا لم يجز الرجوع إلى البراءة ولو بعد الفحص ، إذ الشكّ في المكلّف به لا يرجع فيه إلى البراءة ولو بذل الجهد في الفحص وطلب الحكم الواقعي.
[فإن قلت : هذا يقتضي عدم جواز الرجوع إلى البراءة في أوّل الأمر ولو بعد الفحص ؛
____________________________________
من إزالة الشبهة ، وحمل أخبار البراءة على صورة عدم تمكّن المكلّف من إزالتها ، ولازم هذا الجمع هو عدم دلالة أخبار البراءة عليها قبل الفحص وهو المطلوب. هذا ما يظهر من كلام المصنّف قدسسره.
قال المرحوم الآشتياني قدسسره في بحر الفوائد : كان الأولى من المصنّف قدسسره منع شمول أخبار البراءة لما قبل الفحص بعد ملاحظة كون بناء الشارع على تبليغ الأحكام على الوجه المتعارف على ما عرفت ، ومن هنا وقع التصريح في غير واحد من الأخبار بالطلب والبحث.
(الخامس : حصول العلم الإجمالي لكلّ أحد قبل الأخذ في استعلام المسائل بوجود واجبات ومحرّمات كثيرة في الشريعة ، ومعه لا يصحّ التمسّك بأصل البراءة ... إلى آخره).
وملخّص الوجه الخامس في وجوب الفحص ، هو أن العلم الإجمالي لكلّ مكلّف بثبوت التكاليف الإلزامية في الشريعة مانع عن الرجوع إلى البراءة قبل الفحص ، إذ لا فرق في منع العلم الإجمالي عن الرجوع إلى البراءة بين أن يكون اشتباه القليل بالقليل ، كاشتباه الحرام بين الإناءين ، أو اشتباه الواجب بين الظهر والجمعة ، وبين أن يكون اشتباه الكثير في الكثير ، كما فيما نحن فيه ، أعني : العلم الإجمالي بالواجبات والمحرّمات في الوقائع المتعدّدة المحتملة للتكاليف الإلزامية ، فيجب الفحص وهو المطلوب.
[فإن قلت : هذا يقتضي عدم جواز الرجوع إلى البراءة في أوّل الأمر ولو بعد الفحص ؛