وإن أرادوا استحقاق العقاب على المخالفة وإن لم يتوجّه إليه نهي وقت المخالفة ، فإن أرادوا أنّ الاستحقاق على المخالفة وقت المخالفة لا قبلها لعدم تحقّق معصيته. ففيه : أنّه لا وجه لترقّب حضور زمان المخالفة لصيرورة الفعل مستحيل الوقوع لأجل ترك المقدّمة ، مضافا إلى شهادة العقلاء قاطبة بحسن مؤاخذة من رمى سهما لا يصيب زيدا ولا يقتله إلّا بعد مدّة مديدة بمجرّد الرمي.
وإن أرادوا استحقاق العقاب في زمان ترك المعرفة على ما يحصل بعد من المخالفة ، فهو حسن لا محيص عنه.
هذا ، ولكنّ بعض كلماتهم ظاهرة في الوجه الأوّل ، وهو توجّه النهي إلى الجاهل حين
____________________________________
وثانيها وثالثها : ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وإن أرادوا استحقاق العقاب على المخالفة وإن لم يتوجّه إليه نهي وقت المخالفة) وهذا يتصوّر على وجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله :
(فإن أرادوا أنّ الاستحقاق على المخالفة وقت المخالفة لا قبلها) ، أي : لا من حين ترك المقدّمة وهو تعلّم الأحكام.
(ففيه : أنّه لا وجه لترقب حضور زمان المخالفة لصيرورة الفعل مستحيل الوقوع لأجل ترك المقدّمة) ؛ لأنّ المخالفة قد تحقّقت حين ترك المقدّمة ، والتكليف قد انقطع بعد للاستحالة ، فكيف يترقّب الاستحقاق على المخالفة حضور زمان المخالفة؟!
هذا(مضافا إلى شهادة العقلاء قاطبة بحسن مؤاخذة من رمى سهما لا يصيب زيدا ولا يقتله إلّا بعد مدّة) ، فإنّهم يحكمون بحسن مؤاخذة الرامي (بمجرّد الرمي).
وثانيهما : ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وإن أرادوا استحقاق العقاب في زمان ترك المعرفة على ما يحصل بعد من المخالفة) ، كما تقدّم هذا الوجه في توجيه كلام صاحب المدارك قدسسره من قبل المصنّف قدسسره ، (فهو حسن لا محيص عنه).
وحينئذ يرتفع الخلاف بين المشهور وصاحب المدارك قدسسره كما عرفت. هذا تمام الكلام في الاحتمالات الثلاث في كلام المشهور.